الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد في الوارد من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة لفظا يفيد مضاعفة أجرها بعدد خلق الله، أما عن أصل مضاعفة الأجر فهو وارد في الصحيح، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. الحديث رواه مسلم وغيره.
ومعنى صلى علي: أي قال اللهم صل على محمد، فهذه الجملة تعني أن قائلها يسأل الله تعالى مزيدًا من الرحمة والثناء والأمان لرسوله صلى الله عليه وسلم فبذلك يكون جزاؤه الصلاة من الله تعالى عليه فيستوجب الرحمة والمغفرة والرضوان من الله تبارك وتعالى، قال صاحب تحفة الأحوذي: صلى الله عليه بها عشرا: أي أعطاه الله بتلك الصلاة الواحدة عشرا من الرحمة. انتهى.
مع أنه لا مانع من أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عدد كذا وكذا مما ليس مأثورا ولا محظور فيه شرعا، كقول الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ في الرسالة: فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
ولا شك أن الأولى والأفضل الاقتصار والاكتفاء بالصيغ الواردة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال فقولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
قال الحافظ بن حجر: واستدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكيفية بعد سؤالهم عنها بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه، لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل، ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك هكذا صوبه النووي في الروضة بعد، وذكر شيخنا مجد الدين الشيرازي في جزء له في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض العلماء أنه قال أفضل الكيفيات أن يقول اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك وعن آخر نحوه، لكن قال عدد الشفع والوتر وعدد كلماتك التامة ولم يسم قائلها والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا فليقل اللهم صل على محمد النبي وازواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم الحديث ـ والله أعلم. انتهى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 116776
والله أعلم.