الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالخلاص من الربا وديونه لا يكون باللجوء إليه مرة أخرى، بل إن ذلك يزيد الدين تراكما، والمشاكل تفاقما فهو كما قيل: كالمستجير من الرمضاء بالنار ـ وقد عدت إليه من قبل فما أغنى عنك شيئا، لأنه هو السبب في الداء فلا يعالج به، ووسائل الحلال كثيرة غير اللجوء إلى الربا، فمنها القرض الحسن، ومنها الدخول في معاملات شرعية مع البنوك الإسلامية ونحوها كالتورق، وهو أن تشتري سلعة من البنك لتبيعها وتنتفع بثمنها في سداد دينك، أوغيره، وكذلك الزكاة، فالغارم له أن يأخذ من الزكاة لسداد دينه، ومن وجد وسيلة مباحة يدفع بها الضرر عن نفسه، أوغيره لم يجز له أن يرتكب محظورا شرعيا، هذا مع الدعاء والالتجاء إلى البارئ سبحانه ليكشف كربتك ويسدد عنك هذا الدين الذي يثقل كاهلك، فعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. وانظر الفتوى رقم: 152279.
فإن لم تجد سبيلا لسداد الدين الحال غير اللجوء إلى معاملة البنك الربوي، أو تسجن وتسجن أمك فلك أن تعامل البنك الربوي بقدر ما تدفع به هذا الضرر وتزول به تلك الحاجة الشديدة، جاء في كتاب نظرية الضرورة الشرعية: والضرورة هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.
والله أعلم.