الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأخ مكلفاً من قبلكم بإنهاء العقود ومتابعة انتقال الشركة مقابل راتب يمنح له فهو يستحق ذلك وحتى لو لم يشترط ذلك نصاً وكان العرف جارياً به، إذ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً وهو غير متبرع بما قام به من عمل لإتمام انتقال الشركة إلى المالك الجديد، وأما بعد انتهاء المهمة المكلف بها فلا يستحق راتباً وما أخذه على سبيل القرض يلزمه رده، أو احتسابه من نصيبه في التركة إلا أن يتفق جميع الورثة على التنازل له عنه فلا حرج في ذلك إذا كانوا جميعهم رشداء بالغين، وإن رضي البعض وأبى البعض الآخر فيكون المبلغ من نصيب من رضي دون من كره، وليس للإخوة أن يتصرفوا في التركة بدفع بعضها، أو التنازل عن بعض دون رضى الجميع إلا إذا كان ذلك فيما يخص حقوقهم إلا أن يوكلوا من قبل الجميع بالتصرف فيما يرونه فلهم ذلك وعلى كل، فإذا ادعى الأخ استحقاقه لمبلغ يساوي راتبين، أو أكثر دون أن تكون له بينة على ذلك وصدقتموه فلا حرج عليكم وهو يتحمل وزر دعواه إن كانت كاذبة ولو حكم القاضي له بذلك وهو كاذب في نفس الأمر فإن حكم القاضي لا يبيح الحرام، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.
وإن صدقه البعض وكذبه الباقون فيلزم من أقروا له بصحة دعواه أن يدفعوا إليه حقه بحسب نصيبهم كما لو فرضنا أن حقه ألف والورثة عشرة فكل واحد يدفع مائة ولو أقر بصحة دعواه اثنان فيدفعان مائتين وهكذا وعلى كل، فالمال مالكم والحق حقكم ولو تنازلتم لأخيكم عن بعضه، أو تنازل هو عما يدعي كونه حقاً له فلا حرج في ذلك وهو الأولى، فالصلح خير سيما بين الإخوان، فالمال عرض زائل لا ينبغي أن يفرق بين الإخوان ويزرع في قلوبهم البغضاء والشحناء والإخوة أسمى وأبقى.
والله أعلم.