الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنصاب الزكاة ثابت لا يتغير، وهو خمس أواق من الفضة أي ما يساوي خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة الخالصة تقريباً، أو عشرون ديناراً من الذهب وهو ما يساوي خمسة وثمانين جراماً من الذهب الخالص تقريباً، والأوراق النقدية تقوم بأقل هذين النصابين الذهب، أو الفضة، لأنه أبرأ للذمة وأحظ للفقراء، ولما ذكره العلماء في عروض التجارة من أنها تقوم بأقل النصابين، وإذا كانت هذه الأوراق النقدية ليست ذهباً ولا فضة فإنها تكون كعروض التجارة والشأن فيها ما ذكرناه من تقويمها بالأحظ للمساكين، قال ابن قدامة: إذا حال الحول على العروض وقيمتها بالفضة نصاب ولا تبلغ نصاباً بالذهب قومناها بالفضة ليحصل للفقراء منها حظ ولو كانت قيمتها بالفضة دون النصاب وبالذهب تبلغ نصاباً قومناها بالذهب لتجب الزكاة فيها. انتهى.
وإذا علمت هذا، فإذا كانت قيمة الأوراق النقدية تبلغ نصاباً في أول الحول ثم نقصت قيمتها عن النصاب في أثنائه لم تجب فيها الزكاة، لأن مالكها لم يعد مالكاً لنصاب تجب فيه الزكاة، فإذا ملك من هذه الأوراق النقدية أو العروض ما يبلغ نصاباً بانضمامه إلى ما بيده استأنف حولاً جديداً وكذا إذا زادت قيمتها حتى بلغت النصاب فإنه يستأنف حولاً جديداً كما في عروض التجارة، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: لو ملك سلعة قيمتها دون النصاب فمضى نصف الحول وهي كذلك ثم زادت قيمة النماء بها، أو تغيرت الأسعار فبلغت نصاباً، أو باعها بنصاب، أو ملك في أثناء الحول عرضاً آخر، أو أثماناً تم بها النصاب ابتدأ الحول من حينئذ فلا يحتسب بما مضى، ولو ملك للتجارة نصاباً فنقص عن النصاب في أثناء الحول ثم زاد حتى بلغ نصاباً استأنف الحول عليه، لكونه انقطع بنقصه في أثنائه. انتهى بتصرف.
وإذا حال الحول وهو يملك نصاباً، أو أكثر منه فإنه يزكي ما حال عليه الحول إلا ما كان من ربح تجارة، فإنه يزكي مع أصله ولو لم يحل عليه حول.
والله أعلم.