الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان زوجك ينفق عليك بالمعروف، فلا حق لك في الاعتراض على ما ينفقه من ماله على أمه وإخوته سواء كان هذا الإنفاق واجباً عليه أو كان تبرعاً وإحساناً منه، واعلمي أن حرص زوجك على بر أمه وصلة إخوته علامة خير وصلاح. وإنفاقه عليهم من أفضل أعمال البر ومن صلة الرحم التي يرجى أن تعود عليكم بالبركة والخير في دينكم ودنياكم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
لكن السعي في بناء بيت للأولاد هو أيضاً من الأعمال الصالحة التي يرجى بها الجنة.
قال ابن مفلح: أعلم أن المسكن لا بد للإنسان منه في الجملة فيجب تحصيله لنفسه ولمن تلزمه نفقته، ومثل هذا يعاقب على تركه ويثاب على فعله، وموته عنه كبقية ماله المخلف عنه لورثته يثاب عليه، قال عليه السلام لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه. الآداب الشرعية.
وقال النووي في شرح حديث سعد: وفي هذا الحديث حث على صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة وأن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد. شرح النووي على مسلم.
وعلى ذلك فلا مانع من مناصحتك لزوجك برفق وحكمة بالموازنة بين إنفاقه على أهله فيما يزيد عن حاجتهم وبين ادخار شيء من المال لبيته وأولاده، وننبه إلى أن من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وذلك مما يزيد من محبة زوجها واحترامه لها، وهو من حسن الخلق الذي يثقل الموازين يوم القيامة... وليس من حق الزوج أن يجبر زوجته على التغاضي عن ظلم أهله لها، لكن ننبه إلى أن العفو عن المسيء من أفضل الأعمال التي يحبها الله وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته كما أنه يزيد صاحبه عزاً وكرامة.
والله أعلم.