الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت قد تبت من هذا الذنب فنسأل الله أن يقبل توبتك، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما حجتك: فإنها صحيحة ـ إن شاء الله ـ إن كنت قد أديتها على وجهها مستوفية لأركانها، وأما ما حصل منك من الاستمناء في الحج: فلا يبطل به حجك عند الجمهور، ونرجو أنك لو فديت عن ذلك فدية الأذى أجزأك ذلك وهو أصح الوجهين عند الشافعية، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذبح شاة، وعند الشافعية وجه أنه لا يجب شيء سوى التوبة، قال النووي ـ رحمه الله ـ مبينا مذهب الشافعية في الاستمناء في الإحرام: إذا استمنى بيده ونحوها فأنزل عصى بلا خلاف، وفى لزوم الفدية وجهان أصحهما وجوبها، والثاني لا فدية، لأنه إنزال من غير مباشرة غيره فأشبه من نظر فأنزل فإنه لا فدية، فإن قلنا بالفدية فهي فدية الحلق كما قلنا في مباشرة المرأة بغير الجماع ولا يفسد حجه بالاستمناء بلا خلاف: أي في المذهب. انتهى بتصرف.
وبين في الروض المربع مذهب الحنابلة وأنه يجب بالاستمناء قبل التحلل الأول بدنة إن أنزل، فإن لم ينزل فشاة، قال ـ رحمه الله: وعليه بدنة إن أنزل بمباشرة، أو قبلة، أو تكرار نظر، أو أمنى باستمناء، قياسا على بدنة الوطء، وإن لم ينزل فشاة كفدية أذى، وخطأ في ذلك كعمد، وامرأة مع شهوة كرجل في ذلك. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية في بيان مذاهب العلماء في هذه المسألة: لا يفسد الحج بالاستمناء باليد عند الحنفية والشافعية والحنابلة، لكن يجب فيه دم، لأنه كالمباشرة فيما دون الفرج في التحريم والتعزير، فكان بمنزلتها في الجزاء، ويفسد الحج به عند المالكية، وأوجبوا فيه القضاء والهدي ولو كان ناسيا، لأنه أنزل بفعل محظور. انتهى.
والراجح ـ كما قدمنا ـ هو مذهب الجمهور وأن حجك صحيح ـ إن شاء الله ـ ويجزئك إن شاء الله فدية أذى وهي على التخيير كما بينا آنفا.
والله أعلم.