الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أنه يشترط لصحة الغسل، أو الوضوء إزالة كل حائل يمنع من وصول الماء إلى العضو، وأنه لا تشترط لصحة الغسل، أو الوضوء نظافة العضو نظافة كاملة بحيث يزول كل الوسخ، وإنما المشترط هو وصول الماء إلى الجلد، فإذا كان الوسخ لا يحول دون وصول الماء إلى العضو فإنه لا تشترط إزالته، ثم إن بعض أهل العلم سهل في ما كان يسيراً من ذلك وتشق إزالته قياساً على الوسخ الذي يكون تحت الظفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ جاء في مطالب أولي النهى: ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه، كداخل أنفه ولو منع وصول الماء، لأنه مما يكثر وقوعه عادة، فلو لم يصح الوضوء معه لبينه صلى الله عليه وسلم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وألحق به - أي بالوسخ اليسير ـ الشيخ تقي الدين كل يسير منع وصول الماء كدم وعجين في أي عضو كان من البدن، واختاره قياساً على ما تحت الظفر ويدخل فيه الشقوق التي في بعض الأعضاء. انتهى.
والقاعدة المقررة عند أهل العلم أن المشقة تجلب التيسير وأن الأمر كلما ضاق اتسع، لقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.{الحج: 78}.
فإذا كان الوسخ غير حائل، أو كان يسيراً كأن يكون بقدر الوسخ الذي تحت الظفر، أو تعذرت إزالته، أو كان في إزالته مشقة غير محتملة صح الوضوء مع وجوده، ولا نخفي عن السائل أننا شعرنا من سؤاله أنه مبتلى بالوسوسة، فالوسخ الذي يصيب الرجل أمره يسير في العادة وإزالته لا تحتاج إلى عنت ومشقة، فعليه أن يتجنب الوسوسة فإنها داء عضال.
والله أعلم.