الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك على أن الزوج له على زوجته حق الطاعة والقوامة ما دام زوجا قائما بواجباته تجاه زوجته وأهم ذلك الإنفاق عليها قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. {النساء:34}.
فجعل الله سبحانه القوامة ثابتة للرجل بأمرين الأول: ما وهبه الله من صفات التفضيل , والثاني: بإنفاقه على المرأة من بذل المهر وسائر النفقات والكلف التي أوجبها الله عليه لها في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه, ولذلك إذا أعسر الرجل بالنفقة جاز للمرأة الفسخ على الراجح لخروج النكاح عن مقصوده.
جاء في تفسير الألوسي لهذه الآية: واستدل بها أيضاً من أجاز فسخ النكاح عند الإعسار عن النفقة والكسوة وهو مذهب مالك والشافعي لأنه إذا خرج عن كونه قواماً عليها ، فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح. انتهى.
ولكن لا شك أن زوجك قد وقع في بعض المخالفات الشرعية وضيع بعض حقوقك ومن ذلك العزل فإنه لا يجوز للرجل أن يعزل عن زوجته إلا برضاها فعن عمر رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
قال الإمام مالك: لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، ولا عن زوجته الأمة إلا بإذن أهلها. انتهى.
وروي عن ابن عباس: تُستأمر الحرة في العزل، ولا تُستأمر الجارية. انتهى.
قال صاحب التمهيد: وقال الشافعي: وليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها، وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف، ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته. انتهى.
وإنما منع العزل عن الحرة إلا بإذنها لأنها تتضرر به من وجهين:
الأول: أنه يحرمها من حقها في الإنجاب وهذا لا يجوز إلا بإذنها لأن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين لا يجوز لأحدهما الاستئثار به.
قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
الثاني: أن العزل يفوت في الغالب على الزوجة حق الاستمتاع، فلم يجز إلا بإذنها.
وعليه فلا يجوز لزوجك أن يؤخر الحمل دون موافقتك ولا يجوز له أن يعزل عنك إلا برضاك.
وأما أخذ مالك دون رضاك فهذا إثم عظيم من كبائر الذنوب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
والإنفاق على البيت إنما يطالب به الزوج وحده ولا تطالب الزوجة بشيء من ذلك ولو كانت غنية. وقد بينا ماهية النفقة الواجبة على الزوج في الفتوى رقم: 113285.
وأما الوصول إلى ذروة الاستمتاع ونحو ذلك مما تسألين عنه فنقول: الأصل أن تستجيب المرأة لزوجها في أمور الفراش والاستمتاع في كل ما يطلبه منها ما دام ذلك في حدود المعروف, ولكن ما دمت تتضررين من قيامه بالعزل بدون إذنك فلم تقدري على مطاوعته فيما يطلبه منك مما هو من كمال الاستمتاع فلا حرج عليك حينئذ .
وأصل هذه المسألة هو : هل يجب على الزوجة في أمور الفراش فعل ما يحصل به أصل الاستمتاع دون كماله أم يجب فعل ما يحصل به أصل الاستمتاع وكماله؟ وقد رجح بعض أهل العلم أن ما يحصل به أصل الاستمتاع يجب مطلقا وما يجب به كمال الاستمتاع يجب إذا طلبه الزوج.
جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ولو قيل ما يتوقف عليه أصل التمتع يجب مطلقا, وما يتوقف عليه كماله كتحرك يجب إن طلبه وإلا فلا لم يبعد. انتهى.
ولكن هذا في الأحوال العادية دون الأمور الطارئة التي يضر فيها الزوج بزوجته فلا تقدر على مجاراته في مثل هذا فحينئذ لا حرج عليها إن شاء الله .
والله أعلم.