الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الحال المسؤول عنها صاحبها -أي الولي- إنما هو حاك لأمر قديم وليس مريدا لإنشاء المعنى المذكور، لا جدا ولا هزلا -كما فهمنا من السؤال- ومن ثم لا يحصل بذلك عقد النكاح. ومثل هذا حكاية الطلاق فلا يحصل بها طلاق.
جاء في كشاف القناع: وتعتبر إرادة لفظ الطلاق لمعناه أي أن لا يقصد بلفظ الطلاق غير المعنى الذي وضع له، فلا طلاق واقع لفقيه يكرره ولا لحاك عن نفسه أو غيره لأنه لم يقصد معنى بل التعليم أو الحكاية.
وقال النووي في روضة الطالبين في كتاب الطلاق: الحاكي لطلاق غيره كقوله قال فلان: زوجتي طالق، والفقيه إذا كرر لفظ الطلاق في تصويره وتدريسه وتكراره لا طلاق عليه. انتهى.
وجاء في حاشية ابن عابدين في باب الطلاق: الصريح لا يحتاج إلى النية، ولكن لا بد في وقوعه قضاء وديانة من قصد إضافة لفظ الطلاق إليها عالما بمعناها، ولم يصرفه إلى ما يحتمله ـ كما أفاده في الفتح وحققه في النهرـ احترازا عما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها، أو كتب ناقلا من كتاب: امرأتي طالق مع التلفظ، أو حكى يمين غيره، فإنه لا يقع أصلا ما لم يقصد زوجته.
وقال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: في القنية كتبت: أنت طالق، ثم قالت لزوجها: اقرأ علي فقرأ، لا تطلق ما لم يقصد خطابها. انتهى.
وقد سئلت عن رجل كتب أيمانا ثم قال لآخر: اقرأها فقرأها هل تلزمه؟ فأجبت بأنها لا تلزمه إن كانت بطلاق حيث لم يقصد، وقياس النكاح على الطلاق فيما ذكر ظاهر.
فتبين من جميع هذا أن ما حصل إنما هو مجرد تلاعب وليس عقد نكاح، سواء كان الشهود حاضرين أو لم يكونوا.
مع أنه لو افترض حصول العقد على الوجه الصحيح فإن الإشهاد عليه لا يصح أن يتم على النحو المذكور، لأنها شهادة على صور المسألة وليست شهادة على عينها.
والله أعلم.