الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا العمل في جباية الزكاة موكولا إلى هذا الإمام من جهة ولي الأمر فهو من العاملين على الصدقة الذين يجوز صرف الزكاة إليهم بقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60}.
فيجوز له أن يأخذ ما يعطيه إياه الإمام نظير عمله، وليس له أن يأخذ منها شيئا دون إذن الإمام والرجوع إليه لأنه نائبه في القبض فلا يفتئت عليه، بل هذا يكون من خيانة الأمانة التي أمر بحفظها.
وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27}.
وفي الحديث الثابت: أد الأمانة إلى من ائتمنك. وولي الأمر هو الذي يحدد ما يعطاه العامل وغيره من المستحقين للزكاة وفق ما يراه مصلحة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: العاملون عليها هم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان والمياه التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم ، فهم جباتها وحفاظها والقائمون عليها، يُعطوْن منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر. انتهى باختصار يسير.
وعليه إن كان يشعر بالظلم لكونه لا يعطى أجرته على العمل أن يرفع أمره إلى المسؤولين حتى يتم رفع الظلم عنه، أو يستعفي من هذا العمل إن شاء، وأما أن يخون الأمانة ويأكل مال الصدقة بغير إذن من وكله في قبضها وهو ولي الأمر فلا يجوز، وأما إن كان هذا الإمام متطوعا بالعمل في جهة خيرية لا موكلا من قبل ولي الأمر فلا يجوز له الأخذ من الزكاة بحال لأنه وكيل عن صاحب المال في توزيعه فليس له الأخذ منه لكونه ليس من العاملين عليها.
قال النووي رحمه الله في المجموع: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رحمهم الله : إنْ كَانَ مُفَرِّقُ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَامِلِ ، وَوَجَبَ صَرْفُهَا إلَى الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ إنْ وُجِدُوا , وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ. انتهى.
والله أعلم.