الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان كل واحد منكم قد عين شاة أضحية فقد وجب عليه أن يضحي بهذه الشاة المعينة، فإن الأضحية تجب إذا تعينت، ولا يكون التعيين بمجرد النية عند الجمهور بل لا بد من اللفظ.
قال في كشاف القناع: (و) تتعين (الأضحية بقوله هذه أضحية)، فتصير واجبة بذلك كما يعتق العبد بقول سيده هذا حر لوضع هذه الصيغة لذلك شرعاً.
وأما إذا لم تكونوا قد عينتم الأضاحي فإن كنتم أهل بيت واحد تشتركون في النفقة والمسكن بأن كان المنفق واحداً جاز لكم أن تجتزئوا بشاة واحدة. وانظر الفتوى رقم: 13801.
وإن لم تكونوا أهل بيت واحد -كما هو الظاهر- وإنما تجتمعون في هذا البيت لأجل العيد فيسن لكل واحد منكم أن يضحي، فإن الأضحية من السنن المؤكدة وقيل بوجوبها على القادر، وهو قول أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، كما بينا في الفتوى رقم: 115933.
وأما بخصوص قص الشعر والأظفار فإن من أراد الأضحية ينبغي له إذا دخل العشر من ذي الحجة أن يمتنع عن ذلك، ولا يلزم هذا الحكم من يضحَى عنه وإنما هو خاص بالمضحي على الراجح.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: وقوله (على من يضحي) يفهم منه أن من يضحى عنه لا حرج عليه أن يأخذ من ذلك، والدليل على هذا ما يلي:
أولاً: أن هذا هو ظاهر الحديث، وهو أن التحريم خاص بمن يضحي، وعلى هذا فيكون التحريم مختصاً برب البيت، وأما أهل البيت فلا يحرم عليهم ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكم بمن يضحي، فمفهومه أن من يضحى عنه لا يثبت له هذا الحكم.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته، ولم ينقل أنه كان يقول لهم: لا تأخذوا من شعوركم وأظفاركم وأبشاركم شيئاً، ولو كان ذلك حراماً عليهم لنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وهذا هو القول الراجح. انتهى.
وقد بينا مذاهب العلماء في الأخذ من الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد التضحية، وذلك في الفتوى رقم: 129499 فلتراجع.
والله أعلم.