الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحرمة الربا معلومة، وجناية المتعاملين به والمعينين عليه شديدة، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
والأصل أنه لا يجوز وضع المال في بنك ربوي حتى لو تخلص واضعه من فوائده ولم يمتلكها، لما في ذلك من دخول في عقد ربوي، وما فيه من إعانة لهذه المؤسسة الربوية التي تقوم على حرب الله ورسوله. وهذا الأمر الثاني يتناول أيضا من وضعها ببنك ربوي في حساب جار دون فائدة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 46367.
وهذا الأصل باق ولا يجوز الانحراف عنه إلا في حال الضرورة حيث يتعين وسيلة لحفظ المال عند عدم وجود بديل شرعي كالبنوك الإسلامية وغيرها، والضرورة تقدر بقدرها، فإذا زالت الضرورة وجب على المسلم سحب ماله من البنك الربوي، ومن صور الضرورة التي ذكرها أهل العلم أن يخاف المرء على ماله من التلف أو السرقة، ولا يجد مكانا آمنا غير البنك الربوي يودعه فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26060. وهذا يعني أنه لو كان في الإمكان وضعها في بنك إسلامي فلا ضرورة للبنك الربوي. وعندئذ فأخف الضررين أن يضعها في حساب جار، لأن وضعه في حساب بفائدة يعتبر إقراراً للتعامل بالربا، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 93440، 123222، 125353.
أما مسألة رأس المال المسترد فهو حلال على أصله، فقد قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. {البقرة : 279}.
ولتعلم أن تخلصك من الفوائد إن وجدت واجب عليك، ولا تؤجر عليه أجر الصدقة لأنها ليست ملكك وإنما تؤجر لامتثال أمر الله تعالى في صرف هذه الأموال إلى مستحقيها وهي منافع المسلمين العامة أو دفعها للفقراء.