الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الذي يريد النسك متمتعا بالعمرة إلى الحج أن يحرم بالعمرة من الميقات، وميقات أهل مصر هو الجحفة، وهو يمر عليها بالطائرة فعليه أن يحرم بمحاذاتها، وإن أحرم قبل الوصول إلى الميقات جاز في قول الجمهور، وأما إحرامه بالحج فإنه يكون من مكة ما دام فيها حيث أنشأ الحج لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة. متفق عليه. ولا يلزمه أن يخرج إلى التنعيم، ولا حرج على المتمتع بالعمرة إلى الحج في أن يكرر العمرة إن أراد ذلك، ولكن يجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل: التنعيم أو غيره فيحرم منه، لأن ميقات المكي للعمرة هو أدنى الحل.
والمتمتع بالعمرة إلى الحج يلزمه الهدي لقوله تعالى: فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. {البقرة:196}. ووقت ذبحه هو يوم النحر ويومان بعده أو ثلاثة على خلاف بين العلماء في ذلك، ولا يجوز له تقديمه عليه في قول الجمهور خلافا للشافعي رحمه الله، وانظر الفتوى رقم: 111766. ومحل ذبح هدي التمتع هو الحرم وانظر الفتوى رقم: 58002.
والأكل من هدي التمتع جائز خلافا لبعض أهل العلم لأنه هدي شكر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من هديه الذي أهداه في حجته، وليس الأكل من هدي التمتع واجبا وإنما يستحب تأسيا به صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ ابن باز رحمه الله: يستحب أن يأكل من هديه، ويُهدي ويتصدق؛ لقوله تعالى: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.
ويجوز الاشتراك في الهدي البقرة عن سبعة، والبدنة عن سبعة، ولا يلزم المهدي شهود ذبح الهدي بل لو وكل في ذبحه جاز سواء كان الوكيل أحد المشتركين معه في الهدي أو لا. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يجزئ الجمل عن السبعة في الهدي والأضحية، إذا كان قد تم له خمس سنين، وهو الثني، وتجزئ الشاة عن واحد إذا كانت قد تم لها ستة أشهر من الضأن، وسنة من الماعز، ويجزئ سبع البدنة أو سبع البقرة هديا ممن تمتع بالعمرة إلى الحج، أو كان قارنا، وكذلك يجزئ في الأضحية، والأصل في ذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة. متفق عليه. وفي لفظ: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتركوا في الإبل والبقر، كل سبعة في بدنة. رواه البرقاني في صحيحه على شرط الصحيحين. وفي رواية قال: اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنة. فقال رجل لجابر: أيشترك في البقر ما يشترك في الجزور؟ فقال: ما هي إلا من البدن. رواه مسلم. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لا بأس بمن عليه هدي، هدي التمتع أو القران، أو عليه فدية محظور، أو ترك واجب، أن يوكل من يقوم به، لكن بشرط أن يكون الوكيل ثقة أمينًا، فإذا كان ثقة أمينًا فلا بأس، وإلا فلا توكل. انتهى.
ولا يلزم المتمتع إذا كرر العمرة وهو بمكة قبل الحج سوى هدي واحد كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 119000.
وأما بالنسبة للتقصير في العمرة فالأحوط والأولى أن يعم جميع الرأس خروجا من الخلاف، وعند الشافعي رحمه الله أنه لو قصر من ثلاث شعرات أجزأه ولا يلزم استئصالها، وقول المالكية والحنابلة أحوط، وانظر الفتوى رقم: 115567. وانظر للفائدة أيضا الفتوى رقم: 115520. ولا بأس في التحلل في الفندق أو غيره، والسنة أن يتحلل المعتمر على المروة والحاج بمنى.
والله أعلم.