الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمع الشعر بما هو معروف عند النساء ـ بالكعكة ـ لا يدخل فيما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من صفات مذمومة لبعض نساء أهل النار في قوله: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا. رواه مسلم.
فقوله: رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ: معناه ـ والله أعلم ـ أنهن يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم أو بصلة الشعور حتى تشبه أسنمة البخت في ارتفاعها، وقيل: يجوز أن يكن يطمحن إلى الرجال لا يغضضن أبصارهن ولا ينكسن رءوسهن من قلة الحياء. تفسير غريب ما في الصحيحين ـ البخاري ومسلم للحميدي ـ وبمثل هذا فسره ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين.
وقال النووي: وَمَعْنَى: رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت، أَنْ يُكَبِّرْنَهَا وَيُعَظِّمْنَهَا بِلَفِّ عِمَامَة أَوْ عِصَابَة أَوْ نَحْوهمَا. شرح صحيح مسلم للنووي.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْبُخْت جَمْع بُخْتِيَّة وَهِيَ ضَرْب مِنْ الْإِبِل عِظَام الْأَسْنِمَة ـ وَالْسَنَام هُوَ أَعْلَى مَا فِي ظَهْر الْجَمَل ـ شِبْه رُءُوسهنَّ بِهَا لِمَا رَفَعْنَ مِنْ ضَفَائِر شُعُورهنَّ عَلَى أَوْسَاط رُءُوسهنَّ تَزْيِينًا وَتَصَنُّعًا، وَقَدْ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ بِمَا يُكْثِرْنَ بِهِ شُعُورهنَّ. فتح الباري لابن حجر.
وقال ابن العربي: وهذا كناية عن تكبير رأسها بالخرق حتى يظن الرائي أنه كله شعر وهو حرام. فيض القدير للمناوي.
وخلاصة القول: أن تسريح المرأة لشعرها على هيئة ـ الكعكة ـ المعروفة في بيتها أو وهي خارجة مع سترها بالحجاب جائز وليس داخلا في الحديث السابق.
والله أعلم.