الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أحاديث النفس والهواجس التي تجول في الخاطر من الأمور التي لا دخل للإنسان فيها، ولا طاقة له بها، ولكن عليه أن لا يسترسل فيها، ولا يعمل أو يتحدث بمقتضاها، ومن فضل الله تعالى ورحمته بنا أن تجاوز للإنسان عما حدثته به نفسه ما لم يعمل به أو يتكلم.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم يتكلموا أو يعملوا به. ومعناه في البخاري وغيره.
أما ما يتعلق بالأمور العقدية مما يخطر على بال الإنسان وتحدثه به نفسه ويستعظمه خوفاً من النطق به فضلاً عن اعتقاده، فإنه دليل على كمال الإيمان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء أناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
لذا؛ فإنا ننصح السائل بأن يكثر من ذكر الله تعالى، وأن يشغل نفسه بالتفكر فيما يفيده في دنياه وأخراه، ولا يسترسل في أحاديث النفس وخواطرها، وإن وجد شيئاً منها يتعلق بعقيدته فليله عنه، وليقل: آمنت بالله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد شيئاً من ذلك فليقل: آمنت بالله. رواه مسلم.
أما ما صدر منك نحو المصحف، فإن كان احتقاراً واستهزاء، فلا شك أنه كفر، ولكن التوبة الصادقة تجب ما قبلها ولله الحمد.
أما الآن وبعد أن تشهدت واغتسلت وتبت، فما عليك إلا أن تستمر على توبتك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والثبات على الإيمان، وأن يتوفنا مسلمين.
والله أعلم.