الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما دفعُ الزكاة إلى البنت فالأصلُ أنه لا يجوز إلا في الحال التي لا تجب فيها نفقتها، كأن يكون الوالد عاجزا عن الإنفاق عليها، أو أن تعطى لوصف آخر غير الفقر كأن كانت غارمة وليس لها ما تقضي به دينها، فيجوزُ له أن يدفع إليها من مال الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 121017.
ثم إن البنت إذا كانت تحت زوج ينفقُ عليها فلا يجوزُ دفع الزكاة لها وإن كانت فقيرة لكونها غنية بنفقة زوجها.
قال النووي في المنهاج: والمكفي بنفقة قريب أو زوج ليس فقيرا ولا مسكينا في الأصح. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن كان للمرأة الفقيرة زوج موسر ينفق عليها لم يجز دفع الزكاة إليها، لأن الكفاية حاصلة لها بما يصلها من نفقتها الواجبة فأشبهت من له عقار يستغني بأجرته، وإن لم ينفق عليها وتعذر ذلك جاز الدفع إليها كما لو تعطلت منفعة العقار، وقد نص أحمد على هذا. انتهى.
فإن أعسر الزوج بالنفقة، فهل تجبُ النفقة على الأب؟ في هذا قولان للعلماء، فمذهب المالكية وجوبها عليه كما بيناه في الفتوى رقم: 94501. ومذهب الشافعية عدمُ وجوبها عليه.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: فلو تزوجت – أي الأم أو البنت - سقطت نفقتها بالعقد ولو كان الزوج معسرا إلى أن يفسخ لئلا تجمع بين نفقتين. انتهى.
وظاهرُ اختيار الشيخ العثيمين الوجوب كما يأتي في كلامه، فإن قلنا بعدم وجوب النفقة على الأب في هذه الحال، فلا حرج في أن يدفع لابنته من مال الزكاة، وإن قلنا بوجوبها عليه لم يجز له دفع الزكاة إليها إلا إذا كان عاجزاً عن نفقتها على ما قدمنا، وله أن يدفع الزكاة إلى زوجها الفقير على كل حال، وهذا أولى بلا شك خروجاً من خلاف من منع دفع الزكاة للبنت في هذه الصورة، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هل يصح إخراج الزكاة للابنة المتزوجة المحتاجة؟
فأجاب فضيلته بقوله: كل من اتصف بوصف يستحق به الزكاة فالأصل جواز دفع الزكاة إليه، وعلى هذا فإن كان الرجل لا يمكنه أن ينفق على ابنته وأولادها فيدفع الزكاة إليها، والأفضل والأحوط والأبرأ للذمة أن يدفعها إلى زوجها. انتهى.
وقال أيضاً : إن هذا الرجل الذي عنده بنات متزوجات وأزواجهن فقراء إذا لم يكن عنده مال يتسع للإنفاق عليهن فلا بأس أن يدفع زكاته إليهم، وليدفع المال إلى الأزواج؛ لأنهم هم المسؤولون عن الإنفاق، فلا بأس بذلك على كل حال. انتهى.
وأما دفع الزكاة إلى الأخِ فهو جائزٌ إذا كان الأخُ من أهل الزكاة، بل هو أولى بها من غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. أخرجه الترمذي.
وانظر الفتوى رقم:112412.
وإذا جاز دفع الزكاة للبنت أو كانت ستدفع إلى زوجها، فجائزٌ أن تُعطى جميعها إليها، وجائزٌ أن تُعطى للأخ، وجائزٌ أن تقسم بينهما، والأمر في هذا واسع، وإنما يُنظر فيه إلى المصلحة، بشرط ألا يُعطى مستحق الزكاة ما يزيدُ عن كفايته، وكفاية من يمونه مُدة سنة. وانظر الفتوى رقم 114430.
والله أعلم.