الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب على السؤال نريد أولا أن ننبه إلى أن السؤال يشتمل على شيء من التناقض. مثل قوله صاحبه : قتل حدا وردة وحكمه حكم الزنديق وقوله: يستتاب ولا يقتل أو يستتاب ويقتل، وغير ذلك .
وعلى أية حال فنقول: إن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر مخرج من الملة بلا خلاف، جاء في الموسوعة الفقهية: حكم سابه صلى الله عليه وسلم أنه مرتد بلا خلاف. اهـ.
وفي موضع آخر: ورد في الكتاب العزيز تعظيم جرم تنقص النبي أو الاستخفاف به، ولعن فاعله. وقد ذهب الفقهاء إلى تكفير من فعل شيئا من ذلك. اهـ.
لكن إن تاب صاحبه توبة نصوحا فإن الله يتوب عليه، فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحو المعاصي كلها، حتى الشرك، والخلاف الحاصل بين أهل العلم في قبول توبة الساب، إنما هو في رفع القتل عنه بالتوبة، لا في انتفاعه بتوبته عند الله تعالى في الآخرة، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتويين رقم: 117954، 17316.
وأما حق النبي وكيف يؤدى، وهل يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من حسنات من تاب من سبه ؟ فالجواب أن التوبة النصوح تكفي صاحبها من ذلك كله إن شاء الله، فإن الإسلام يجبُّ ما قبله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الصارم المسلول): لا ريب أن توبتهم – يعني المنافقين الذين سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بينهم وبين الله مقبولة إذا كانت توبة صحيحة، ويغفر لهم في ضمنها ما نالوه من عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أبدلوه من الإيمان به، وما في ضمن الإيمان به من محبته وتعظيمه وتعزيره وتوقيره، واعتقاد براءته من كل ما رموه به.
وراجع في ذلك الفتوى الأولى التي تقدمت الإحالة إليها.
وأما مسألة الذهاب للإمام لإقامة الحد فهذا لا يلزم، بل يلزمه التوبة والنصح فيها، ويستر على نفسه ويحسن في ما بقي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر. متفق عليه.
والله أعلم.