الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المشروع لكل مصلٍ إذا جلس في التشهد أن يشير بأصبعه المسبحة لثبوت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم، والمشروع أن يبقى مشيراً طيلة التشهد، وفي المسألة خلاف كبير وتفصيلات للفقهاء كثيرة، وظاهر السنة هو ما ذكرنا، ويبقى مشيراً بأصبعه سواء كان إماماً أو منفرداً أو مأموماً، فإن كان مأموماً فإنه لا يترك الإشارة إلا بعد سلام الإمام إن كان في التشهد الأخير أو بعد قيامه إلى الثالثة إن كان في التشهد الأول، لأنه تابع لإمامه فهو ما زال في التشهد طالما أن إمامه لم ينصرف من الصلاة أو يقم إلى الثالثة.
وأما إذا أطال الإمام التشهد الأول فإن المأموم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصحيح مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول استحباباً، وهو قول الشافعي ودليله ناهض جداً، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يسلم. رواه مسلم في صحيحه.
وله أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية تامة لأنها أكملُ ما يُصلى به عليه صلى الله عليه وسلم، ولعدم ورود ما يمنعُ من تكميلها، فإذا استمر الإمام جالساً فإنه يأتي بما شاء من الدعاء قياساً على التشهد الأخير ولأن الصلاة لا يُشرع فيها السكوت.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إذا أطال الإمام التشهد الأول فاستمر في التشهد حتى لو أكملته فلا حرج، وكذلك لو أدركت الإمام في الركعتين الأخيرتين فإنه سيطيل التشهد، لأن التشهد في حقه هو الثاني وفي حقك الأول، فأتم التشهد ولا حرج، وكمل التشهد وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وبارك على النبي صلى الله عليه وسلم وتعوذ بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر... أو ادع بما شئت. انتهى.
والله أعلم.