الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أولاً أن الأحكام الشرعية لا تؤخذ من القرآن فقط، بل من القرآن والسنة والإجماع والقياس، فالسنة النبوية مصدر من مصادر التشريع بالاتفاق، كما فصلناه في الفتوى رقم: 31742، والفتوى رقم: 113169.
ومن كذب بالسنة فقد كذب بالقرآن وأبطل العمل به، فالقرآن جاء بالأمر بالصلاة، والسنة بينت كيفية الصلاة، والقرآن جاء بالأمر بالزكاة، والسنة جاءت ببيان أصناف الأموال الزكوية ومقدار الزكاة وغير ذلك، والقرآن جاء بالحج والسنة فصلت أعمال الحج، ولهذا لما أراد أعداء الإسلام إبطال القرآن وإبعاده عن ساحة المسلمين عمدوا إلى التشكيك في السنة التي هي مبينة للقرآن وموضحة له حتى يصبح القرآن مجرد كتاب يوضع في الأرفف ولا يتعبد بأكثر من تلاوته، وقد دلت السنة النبوية الصحيحة على أن الحائض ممنوعة من الصيام، ففي صحيح البخاري أن النساء سألن النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى نقصان دين المرأة -لما أخبرهن بنقصان دينها فقال: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها. انتهى.
فعدم صوم الحائض كان معلوماً عند الصحابة رجالاً ونساء، وسئلت عائشة رضي الله عنها: ... ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت كانت يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة... رواه مسلم. فهذه عائشة زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم أخبرت أن المرأة الحائض كانت تؤمر -والأمر بالوحي- في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة، وقد أجمعت الأمة طيلة أربعة عشر قرنا على أن الحائض لا تصوم ولا يصح منها الصيام، ولم يشكك في هذا أحد إلا في عصرنا ، وانظري لذلك الفتوى رقم: 75108، وللفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 113227.
والله أعلم.