الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة حالَ مدافعة الأخبثين مكروهةٌ اتفاقاً، بل قد غلا الظاهرية فقالوا بعدمِ صحتها، وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم: النهي عن الصلاة حالَ مدافعة الأخبثين (البول والغائط)، وفي معناهما كل مشغل يتشوش القلب بمدافعته كالريح، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين. رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
وعن أبي الدرداء قال: من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ. ذكره البخاري في صحيحه معلقا.
ولأن منزلة صلاة الجماعة من الدينِ بالمحلِ المعلوم فلا نرى لكَ تركَ الجماعة بحال، ولا الصلاةَ وأنت تدافعُ الريح، إذا كانت مدافعتُكَ له شديدة تُشغلك وتشوِّش قلبك، ولكن الذي ينبغي لكَ أن تقضي حاجتك ثم تتوضأ للعصر، كما تتوضأ للظهر، وما ذكرته من كثرة الموظفين وترددهم ذهاباً ومجيئا لا نراهُ مُسَوّغاً كافيا لتركِ الوضوءِ والصلاة مع الجماعة، فأي ضررٍ عليكَ في أن يراكَ هؤلاء الموظفون وأنت تتوضأ؟ والوضوء لا يستغرق وقتاً كبيراً يحصلُ به ضررٌ عليك أو عليهم، وقد ذكرتَ أنك تتوضأ للظهر في نفس مكان العمل فما الفرقُ بينَ وضوءٍ للظهر ووضوءٍ للعصر؟ .
أخي الحبيب: ننصحكَ ألا تفتحَ على نفسك باب التساهل فسُلَم التنازلات يبدأ بدرجة، ولكن إذا ضاق الأمر ولم تستطع الوضوءَ فعلاً فلا تُصلي وأنت تُدافع الريح إذا كانت مدافعته تَشغلُك عن الخشوع في الصلاة، وانتظر حتى تصليَ في بيتك ما دمت تصلي في الوقت.
والله أعلم.