السؤال
حضرت خطبة لم يكن فيها الخطيب متمكناً من العربية البتة، وقد بقيت في الخطبة إلى أن كان من الخطأ ما يصل لدرجة الكفر والعياذ بالله، حيث سرد الخطيب دعاء رحلة الطائف بأخطاء جمة وحين وصل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله تلفظ بها الرجل بصيغة المبني للمعلوم (يخرج) وأعاد الخطأ أكثر من مرة.... واحترت في أمري بين أن أترك الخطبة وبين النصح بعد الخطبة، الذي ما أظنه يلقى القبول... وبين التصحيح أثناء الخطبة... هل لي أن أترك الصلاة أم لا، وهل من قاعدة تضبط تعامل المتلقي في خطب صلوات الجماعة مع الخطيب، المسجد المذكور موجود في بلد أجنبي ونضطر للحضور به لقلة ما لدينا من المساجد؟ مع خالص الود.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته ليس بمبرر للتخلف عن صلاة الجمعة لأن اللحن من الخطيب في خطبة الجمعة لا يبطلها، قال الشيخ محمد عليش في فتح العلي المالك وهو مالكي: اللحن في الخطبة ليس من مبطلات الصلاة ولا موجبا لعزل الخطيب، كيف والراجح صحة الصلاة مع اللحن في نفس الفاتحة، واقتصر عليه في المجموع حيث قال وصح بلا لحن. اهـ . ولم أر من نص على أن السلامة من اللحن في الخطبة من مندوباتها فضلاً عن كونها من سننها وعن كونها من واجباتها. اهـ
وهذا في غير القرآن والحديث، وأما إذا لحن الخطيب في القرآن أو الحديث وكان اللحن فاحشاً مغيراً للمعنى فالضابط أن على المستمع إصلاح ذلك الخطأ إن كان الخطيب سيتمكن من سماعه ويصلح الخطأ، وإلا انتظره حتى تنتهي الصلاة ثم ينصحه بعد ذلك ويبين له الخطأ بأدب وحكمة، وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 13035.
وكون الخطيب قد فتح الياء من فعل يخرج فهذا لحن لا يوقع في الكفر، وفعل يُخْرِج مبني للمعلوم لكن الياء منه مضمومة لأن الماضي منها رباعي وهو أخرج، وعلى افتراض أن الخطيب قد صدرت منه عبارة توقع في الكفر فذلك لم يكن عن عمد بل عن جهل أو غلط أو نسيان وهذه أمور تمنع من إطلاق الكفر عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66547.
وانطلاقاً مما سبق فإنه لا يجوز لك التخلف عن الجمعة لما ثبت من الوعيد المترتب على ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65201.
وإن أمكنك صلاة الجمعة في جامع له خطيب لا يلحن في خطبته فلك ذلك، وإن لم تجد إلا المسجد المذكور فلا تترك الصلاة فيه، وإذا لحن الخطيب المذكور لحنا في القرآن أو الحديث يغير المعنى فأصلح له الخطأ إن أمكنك ذلك، وإلا انتظر حتى تلقاه بعد الصلاة بمفرده فتنصحه بضرورة الاهتمام بما يلقيه من خطبة خصوصاً ما يتعلق بالآيات والأحاديث التي يستدل بها، وهذا من النصيحة التي لها مكانة عظيمة في الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.. رواه مسلم.
والله أعلم.