السؤال
شيخنا الكريم هناك أحوال إجتماعية توارثتها الأجيال دون النظر إلى حكمها الشرعى وكثيرا من الأحيان يجد المرء نفسه مجبرا عليها رغم أنفه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المآتم باختلاف أنواعها وواقعا في شارع كانت أمك في دار مناسبات وما إلى ذلك، أعلم بحرمة هذه المأتم وأعلم أيضا بأن الاجتماع عند أهل الميت لقراءة القرآن من النياحة ولكن عند حدوث وفاة أحد الأبوين يفاجأ الولد والبنت بجميع أخواله أو أعمامه يسارعون إلى إيجار مكان المأتم قبل دفن الميت وعند محاولة إثنائهم عن ذلك يسارعون بكيل التهم والسباب والنفور ويهددوه بالفضيحة بين الأهل وبعدم تمكينه من تركة الميت لأنه ليس أهلا لأن يرثه وما أشبه ذلك، فهل يجب على من مات له والده أن ينصرف بعد الدفن ولا يحضر هذه السرادقات مهما كلفه ذلك أم له أن يحضر، أم يجوز له أن يضع كراسي فقط أمام البيت دون قراءة قرآن (من مسجل حيث إن المقرىء آكل للسحت) ليستقبل فيه من أراد العزاء ولم يدرك الدفن بسبب ضيق البيوت، أرجو الإجابة وعدم إحالتي إلى سؤال مشابه، أيضا عند الدفن يجد الواحد منا مشاكل كثيرة مع الأهل حيث إن العادة هى وضع الميت على الأرض في غرفة تحت الأرض (المقبرة) وعند بيان ضرورة مواراة الجثمان يرفض الأهل بحجة أن المكان لا يتسع لدفن نفس العدد إذا ووروا بالتراب أو أن الجدران سوف تنهال من الحفر ولا أعرف حلا لذلك ومن المؤسف أن الدفن أيضا تعورف فيه على أن الميت يدفن على ظهره ورجله إلى القبلةفما العمل في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت أخي الفاضل تعرف الحكم الشرعي فيما يجري من مخالفات شرعية فيما يتعلق بالمآتم، فعليك أن تسعى في تغيير هذه المخالفات برفق وحكمة، وتنقل للناس كلام أهل العلم المدعم بالأدلة الشرعية في هذه المسائل، وتنشر أشرطة مسموعة ونشرات مقروءة، وتجلب بعض الدعاة لإلقاء بعض المحاضرات والدروس في بيان حكم هذه المخالفات، وتبين لأقاربك وللناس أن التزام الشرع وترك العادات المخالفة له ليست فضيحة بل فيه العزة والرفعة، وتراعي في دعوتك الأصلح والأنسب للناس، مع التدرج في التغيير، فلا تقدم على عمل يكون سبباً لفتنة أو مفسدة أكبر.
فحضورك -مثلاً- قد يكون هو الأصلح للدعوة والبيان وقبول الناس لما تقول ولو بعد حين، وقد يكون عدم حضورك أصلح.. فأنت أعلم بطباع أهل بلدك وما يصلحهم، وكذلك تهيئة البيت للعزاء من حيث الأصل لا بأس به لأنه ما كل الناس يحضرون الدفن ويعزون عند ذلك فيضطرون للحضور إلى البيت، وليس هذا محظوراً وإنما المحظور هو اجتماعهم وتكليف أقارب الميت صنع الطعام لهم واستئجار قاريء يقرأ للميت ونحو ذلك.
والحاصل أنك لا تقدم على شيء يضرك ولا نفع فيه للناس، وحاول أن تسأل أهل العلم في بلدك فهم أعرف بأحوال الناس وطباعهم، وأما إعداد غرف تحت الأرض ووضع الأموات فيها فلا يجوز إلا للضرورة والحاجة كضيق المقبرة في البلد ونحو ذلك، وكانت تسمى قديماً الفساقي، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج عنها: فإنها بيوت تحت الأرض، وقد قطع ابن الصلاح والسبكي وغيرهما بحرمة الدفن فيها مع ما فيها من اختلاط الرجال بالنساء وإدخال ميت على ميت قبل بلاء الأول، ومنعها للسبع واضح وعدمه للرائحة مشاهد.
وأما توجيه الميت للقبلة فواجب، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9114.
والله أعلم.