السؤال
أنا امرأة أبلغ من العمر 35 عاماً، مطلقة من والد أبنائي، تزوجت دون علم أهلي من شخص حيث تم ذلك خارج البلاد بحضور المأذون الشرعي و2 من الشهود، هو متزوج وله أبناء، كنت أسترق الوقت حتى أراه ولم يكن لدينا مكانا محدد للقاء ولا ينفق علي، وبعد مشاجرة طويلة وافق أن يخصص لنا شقة حتى نلتقي بها، بعد مرور فترة غير طويلة على هذا الزواج الفاشل طلبت الطلاق منه لعدم تحملي هذا الوضع وهذا النوع من الزواج فقد أصبحت أهمل أبنائي وآخذ من وقتهم لأعطيه له علاوة على أنه كان يخبرني بأن علاقته مع زوجته الأولى مستحيلة، وأنه سوف يطلقها قريباً وبعد زواجه مني انقلب الحال واكتشفت عكس كلامه وبعد طلبي الطلاق منه وعد بأنه سوف يطلقها، رفضت ذلك وبشدة خوفا من الله، ولعدم رغبتي بهدم أسرة وقررت أن أنسحب من حياته وطلبت الطلاق وافق هو بشرط أن أبقى على اتصال به لأنه كما يقول بأنه لا يستطيع العيش من دوني... أصبح يماطل وبعد عدة مشاجرات عنيفة أخبرته بأنني سوف (أقلب الدنيا على رأسه إن لم يطلقني)، لأنني أعلم مدى خوفه من أن تعلم زوجته وأهله بخبر زواجه، فوافق فوراً وقال لي: أنت طالق.. سؤالي هو: هل وقع هذا الطلاق، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في جواب سؤال السائلة في رقم: 59292 حكم هذا النكاح وذكرنا هنالك اختلاف العلماء في النكاح بدون ولي والحالات التي يسوغ فيها مثل هذا النكاح، ونضيف هنا أن النكاح الفاسد المختلف في فساده ومنه النكاح بدون ولي على الراجح عندنا تترتب عليه أمور منها الطلاق فلو عقد نكاح بدون ولي ثم طلق الزوج زوجته منه فإن طلاقه ينفذ وتحسب عليه طلقة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومذهب مالك وأحمد في المشهور أن الطلاق يقع في النكاح الفاسد المختلف فيه.
وعليه فهذا الطلاق الذي صدر من الزوج يعتبر طلاقا بائناً، اللهم إلا إذا توفرت الشروط التي ذكرنا في الفتوى المحال عليها والتي من ضمنها أن يكون من عقد النكاح يرى صحته وهو أهل لأن يقلد فإنه في هذه الحالة يعتبر نكاحاً صحيحاً والطلاق منه يكون رجعياً ما لم يكن مقابل خلع أو يكون بالثلاث وعلى كل حال فهذا الطلاق المسؤول عنه واقع، لكن الخلاف بين العلماء هل هو طلاق بائن أم رجعي، وأخيراً ننصح بأمرين مهمين: أولهما: أن النكاح وما يتعلق به عقداً كان أو حلا ليس محلا للتلاعب أو الاستخفاف بشأنه، فالله عز وجل وصف عقد النكاح بأنه غليظ، أي مؤكد مشدد، وقال أيضاً بعد ذكر بعض أحكام الطلاق: وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا {البقرة:231}، فينبغي لمن رغب في النكاح أن لا يكون كل همه في إشباع غريزته مهملا مراعاة جوانب النكاح الأخرى التي ليست أقل أهمية من تلك الشهوة الوقتية، فمما ينبغي مراعاته في الزواج بالنسبة للمرأة مقومات استقرار الحياة الزوجية كأن يكون الزواج برضى من قد يكون لعدم رضاه أثر سلبي على الزواج، وكأن تكون حالة الزوج المادية تمكنه من القيام بواجباته الزوجية، أما أن تتهرب المرأة عن قوامة من له القوامة من أوليائها وتلجأ إلى جهة أخرى لتتولى نكاحها بدون مسوغ شرعي من عضل ونحوه فهذا لا يجوز شرعاً كما قدمنا.
الأمر الثاني: الرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم فهذا النوع من الأمور لا يرفع الخلاف فيه ويفض النزاع إلا المحاكم الشرعية.
والله أعلم.