الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة من اقترض بالربا واشترى شاليها وأودع الباقي في شهادة استثمار بفائدة

السؤال

أنا موظف في بنك، وأخدت تمويلًا بمبلغٍ كبير بفائدةٍ بسيطة؛ لدفع مقدَّم شاليه؛ لتأجيره عند الاستلام، وأودعت المتبقي من مبلغ التمويل في شهادة استثمار في بنك تقليدي بفائدة أكبر من فائدة التمويل؛ لتعويض الاستقطاع من راتبي، والعائد كله يصرف في المصروفات الشهرية، فهل تجب الزكاة على كامل قيمة شهادة الاستثمار، وعلى العائد، وعلى قيمة الشاليه أم تخصم قيمة التمويل من مبلغ الشهادة وتحسب الزكاة على المتبقي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يرزقك التوبة النصوح، وأن يعينك على موافقة شرعه؛ فقد وقعت في أمور عظيمة، منها: اقتراضك بالربا، وإقراضك به، ومنها: العمل في بنك ربوي، إن كان البنك الذي تعمل فيه كذلك.

فالتمويل العقاري بقرضٍ ربوي محرمٌ، كما بينا في الفتوى: 1297.

وشهادة الاستثمار في بنك تقليدي (ربوي)، تعدّ إقراضًا بالربا، وانظر الفتوى: 400393.

والعمل في البنك الربوي محرم مطلقًا، كما بينا في الفتوى: 32275.

فهي ظلمات بعضها فوق بعض؛ فبادر إلى التوبة النصوح مما وقعت فيه.

ومن التوبة: التخلّص من الفوائد الربوية المكتسبة من شهادة الاستثمار في البنك الربوي؛ فلا يجوز دفعها في سداد دين الشاليه، أو غيره، بل تدفعه للفقراء والمساكين، ونحو ذلك تخلصًا منها، وفق ما بيناه في الفتوى: 129177.

وأما موضوع الزكاة، فبيانه فيما يلي:

أولًا: أن الشاليه إذا استلمته، فلا زكاة في قيمته، وإنما تكون فيما يكسب منه، تضمّه إلى ما عندك من نقود -في شهادة الاستثمار، أو غيرها-، إن بلغ مجموع ذلك نصابًا فأكثر، وحال الحول.

ثانيًا: النصاب هو ما يعادل قيمة خمسة وثمانين جرامًا من الذهب الخالص (عيار 24).

ثالثًا: جمهور أهل العلم على أن الدَّين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهي: الذهب، والفضة، والنقود، وعروض التجارة.

وعليه؛ فتنظر فيما عليك من الديون، وما معك مما تجب فيه الزكاة -من النقود، وعروض التجارة-:

فإن كان الدَّين لا ينقص النصاب، خصم من مال الزكاة بقدره، وزكّي الباقي، ولكن إن كان لك مال آخر -لا تجب فيه الزكاة، فائض عن حوائجك الأساسية- فإنك تجعله في مقابل الدَّين؛ ليسلم المال الزكوي؛ فتخرج زكاته -كالشاليه مثلًا، فقيمته تجعل في مقابل الدَّين، أو ما تغطي منه-، وانظر الفتاوى: 120895، 124533، 47139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني