الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الشهادات الربوية إلى انتهاء مدتها لتجنب الخسارة من رأس المال

السؤال

كانت لديّ شهادات استثمار بالبنك، ونويت التوبة، والله تعالى يقول: "فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"، وبإلغاء الشهادات سوف أخسر من أصل قيمتها "رأس المال" الربعَ، ويأخذها البنك، وأرى أن الانتفاع بها في الصدقات -بدلًا من أن يأخذها البنك- أولى، فهل يجوز الاقتراض بموجِبها، بحيث إن العائد منها يأخذه البنك مقابل الفائدة؛ ومن ثم؛ فلا أخسر من أصل المبلغ لصالح البنك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان إلغاء الشهادات الربوية سيترتب عليه خسارة ربع أصل المبلغ (نقصان رأس المال)، كما ذكر السائل؛ فالذي نراه أنه لا يحرم تركها إلى مدّتها، مع نية التخلّص من فوائدها الربوية؛ بصرفها في أبواب الخير، وعلى الفقراء والمساكين؛ وذلك دفعًا للضرر عن صاحب رأس المال الذي لن يأكل الربا على أية حال.

ولأن التائب من الربا حقّه أن يأخذ رأس ماله كاملًا، كما أشار إليه السائل بقول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة: 279].

ولأن انتفاع البنك الربوي بالمبلغ الذي سيخصمه من رأس المال عند كسر الوديعة، يزيد غالبًا على انتفاعه ببقاء الوديعة إلى نهاية مدّتها ثم ردّها كاملة، والقاعدة هي: اختيار أخفّ الضررين، وأهون الشرّين، وانظر للفائدة الفتاوى: 94351، 132571، 125496.

وأما الاقتراض الربوي بضمان هذه الشهادات؛ فلا يجوز؛ لما في ذلك من ارتكاب إثم الربا مرة أخرى، خاصة وأن المقترض لا يقتصر على دفع فائدة القرض التي تقابل الفائدة التي تأتيه من الشهادة، بل يدفع قسطًا شهريًّا من قيمة القرض نفسه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني