السؤال
كنت أعمل طباخة أكل بيتي، وبعد سفري إلى بلدي الأصلي، واستقراري به، حاولت الحفاظ على الزبائن الذين كانوا يتعاملون معي سابقا. لم أخبرهم برجوعي، ولكن اتفقت مع طباخة أخرى لكي تعمل لهم بشرط الحصول على نسبة من إجمالي مشترياتهم منها، وتم الاتفاق على ذلك.
واتفقت مع أخرى لعمل المخبوزات، وأخري لتجهيز الخضروات، وهكذا أتفق معهم، وأبيع لزبائني، وأنا لست هناك، ولا أحد يعلم أنني سافرت. ولكن عندما تحدث مشكلة في طلب، ويكون العميل غير راضٍ عنه، أتحمل عقبات ذلك، وأرضيهم، إما برد المال، أو أخذ شيء مجاني.
يعني مهتمة جدا بأن أرضي ربنا في كل طلباتهم، وأقول في نفسي: لهم أن يحصلوا على خدمة جيدة، مقابل ما يدفعونه، ولا يهمهم أمري إن كنت هناك، وأقوم بالعمل بنفسي أم لا.
فهل هذا العمل حلال؟ أم حرام؟ أم به شبهة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالإجارة على عمل في الذمة لا حرج في أن يستأجر الأجير غيره فيها، سواء بالأجرة نفسها، أو أقل، أو أكثر، إلا إن اشترط المستأجر الأول أن يعمل الأجير بنفسه، أو كان العمل مما يختلف باختلاف الأعيان، ولا يقوم غير الأجير مقامه فيه، لصفة مميزة تجعل المستأجر يقصده بعينه، فعندئذ يلزم الأجير أن يقوم بالعمل بنفسه، كما سبق بيانه في الفتاوى: 368845، 126722.
وكذلك الحال في عقد الاستصناع، كحال الطباخ إذا كان يشتري الطعام من ماله ليطبخه لغيره.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بموضوع عقد المقاولة والتعمير:
عقد المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً، أو يؤدي عملاً مقابل بدل يتعهد به الطرف الآخر، وهو عقد جائز، سواء قدم المقاول العمل والمادة، وهو المسمى عند الفقهاء بالاستصناع، أو قدم المقاول العمل، وهو المسمى عند الفقهاء بالإجارة على العمل ...
- إذا شرط رب العمل على المقاول أن يقوم بالعمل بنفسه، فلا يجوز له أن يتفق مع مقاول آخر من الباطن.
- إذا لم يشرط رب العمل على المقاول أن يقوم بالعمل بنفسه، جاز له أن يتفق مع مقاول من الباطن، ما لم يكن العمل بعينه مقصودًا أداؤه من المقاول نفسه، لوصف مميز فيه، مما يختلف باختلاف الأجراء ... اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن لم يشترط الزبون عليك أن تقومي بالطهي بنفسك، ولم يقصدك الزبون بعينك، فلا حرج عليك في الاتفاق مع طباخة أخرى تقوم بالعمل المتفق عليه بدلا عنك، بأجرة أقل، لتأخذي أنت ما زاد عليها.
ونلفت نظر السائلة إلى أن من شروط عقد الاستصناع بيان جنس المستصنع، ونوعه، وقدره، وأوصافه المطلوبة.
وانظري للفائدة الفتوى: 397933.
والله أعلم.