الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعراب: ما من أمتي أحد إلا وأنا أعرفه...

السؤال

ما الأصل في مثل قوله عليه الصلاة والسلام إعرابا: "ما من أمتي أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة"، والمراد بمثل هذا التركيب: وقوع ما من في الابتداء ويقع من زائدة في الإعراب، ثم يقع ما بعده إلا و، وكذلك قوله: ‌"ما ‌من ‌شيء ‌إلّا ‌والله يحبّ أن يعفى عنه ما لم يكن حدّا عن عباده"، وكذلك قول القائل: "‌ما ‌من صباح ‌إلا ‌والشيطان يقول"
فبينوا وجوه الإعراب وكيفية الإعراب.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أمتي أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة. قالوا: يا رسول الله، من رأيت ومن لم تر؟ قال: من رأيت ومن لم أر، غرا محجلين من آثار الطهور. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله موثقون.

وأما من حيث الإعراب فإن (ما): في حديث المسند نافية، و(من): حرف جر، و(أمتي): مجرور بمن، و(من): ليست زائدة هنا، وإنما هي للتبعيض أو البيان، و(أحد): مرفوع بالابتداء، و(إلا): أداة حصر، وجملة: (وأنا أعرفه): خبر.

ويحتمل أن تكون الواو زائدة، ويدل له سقوطها في المسند من حديث عبد الله بن بسر المازني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من أمتي من أحد إلا أنا أعرفه يوم القيامة.

وزيادة الواو في هذا السياق مختلف فيها بين النحاة، فقد ذهب الجمهور إلى أنها زائدة، وجوز الأخفش وابن مالك ورودها مع الخبر، إذا كان جملة مصدرة بإلا، وتابعهما العلامة المختار ابن بونه الشنقيطي في توشيحه لألفية ابن مالك فقال في الكلام على ليس:

وقرنوا بالواو معها خبرا إن كان جملة بإلا حصرا

وكان مع نفي كذا وربما بجملة الأخبار ذا لها انتمى. اهـ.

وقال السيوطي في همع الهوامع في شرح جمع الجوامع:

ذهب الأخفش وابن مالك إلى جواز دخول الواو على خبر ليس، وكان المنفية إذا كان جملة بعد إلا، كقوله:

ليس شيء إلا وفيه إذا ما قابلته عين البصير اعتبار

وقوله: ما كان من بشر إلا وميتته محتومة، لكن الآجال تختلف

وقوله: إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن سراج لنا إلا ووجهك أنور.

والجمهور أنكروا ذلك، وأوَّلوا الأول والثاني على حذف الخبر ضرورة، أو على زيادة الواو، وقالوا: الخبر في الثالث لنا. اهـ.

وقال الصبان في حاشيته على شرح الأشموني لألفية ابن مالك:
وتختص ليس بجواز اقتران خبرها بواو إن كان جملة موجبة بإلا كقوله:

ليس شيء إلا وفيه إذا ما قابلته عين البصير اعتبار.

ومنع بعضهم ذلك، وتأول البيت إما على حذف الخبر والجملة حال، أو على زيادة الواو ... اهـ.

و(ما) في أثر سعيد بن المسيب نافية، و(من) حرف جر زائد للتوكيد والاستغراق، و(شيء): مجرور لفظا مرفوع بالابتداء محلا، وإلا أداة حصر، والجملة الواقعة بعدها في محل رفع خبر المبتدأ، وفيها ما تقدم في إعراب حديث المسند.

وأما ما جاء في الزهد الكبير للبيهقي عن حاتم الأصم أنه كان يقول:

"ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ما تأكل وما تلبس وأين تسكن؟ فأقول: آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر" فيعرب كما يعرب أثر سعيد بن المسيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني