الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تسمية المولودةبـ: أميرة الرحمن

السؤال

ما حكم تسمية أميرة الرحمن، هل هذا جائز؟ أو يكون جائزا، إذا تم تغييره إلى أميرة سيف الرحمن؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج - إن شاء الله تعالى - في تسمية المولودة: (أميرة الرحمن)؛ لأن الإضافة إلى الله -سبحانه- في مثل هذا التركيب هي إضافة خَلق، ومِلك له -سبحانه وتعالى-، وهذا يشترك فيه الخلق كلهم.

قال ابن تيمية في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح): الْأَعْيَانُ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- فَإِمَّا أَنْ تُضَافَ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمَخْلُوقُ، مِثْلَ كَوْنِهَا مَخْلُوقَةً، وَمَمْلُوكَةً لَهُ، وَمَقْدُورَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذِهِ إِضَافَةٌ عَامَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ، كَقَوْلِهِ: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [سورة لقمان: 11]، وَقَدْ يُضَافُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهَا يُمَيَّزُ بِهِ الْمُضَافُ عَنْ غَيْرِهِ مِثْلَ: بَيْتُ اللَّهِ، وَنَاقَةُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَرُوحُ اللَّهِ، فَمِنَ الْمَعْلُومِ اخْتِصَاصُ نَاقَةِ صَالِحٍ بِمَا تَمَيَّزَتْ بِهِ عَنْ سَائِرِ النِّيَاقِ، وَكَذَلِكَ اخْتِصَاصُ الْكَعْبَةِ، وَاخْتِصَاصُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ الَّذِي عَبَدَ اللَّهَ، وَأَطَاعَ أَمْرَهُ، وَكَذَلِكَ الرُّوحُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي امْتَازَتْ بِمَا فَارَقَتْ بِهِ غَيْرَهَا مِنَ الْأَرْوَاحِ، فَإِنَّ الْمَخْلُوقَاتِ اشْتَرَكَتْ فِي كَوْنِهَا مَخْلُوقَةً مَمْلُوكَةً مَرْبُوبَةً لِلَّهِ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُهُ، وَقَضَاؤُهُ، وَقَدَرُهُ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ لَا اخْتِصَاصَ فِيهَا، وَلَا فَضِيلَةَ لِلْمُضَافِ عَلَى غَيْرِهِ. وَامْتَازَ بَعْضُهَا بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ، وَيَرْضَاهُ، وَيَصْطَفِيهِ، وَيُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ، وَيَأْمُرُ بِهِ، أَوْ يُعَظِّمُهُ، وَيُحِبُّهُ، فَهَذِهِ الْإِضَافَةُ يَخْتَصُّ بِهَا بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ، كَإِضَافَةِ الْبَيْتِ، وَالنَّاقَةِ، وَالرُّوحِ، وَعِبَادِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء: 91]. انتهى.

ولكن الأولى تسمية المولودة: (أمة الرحمن)؛ لأنها في معنى اسم (عبد الرحمن)، وهو من أحب الأسماء إلى الله -تعالى-، كما ورد في (صحيح مسلم) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ ‌أَحَبَّ ‌أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ، عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني