السؤال
لقد اطلعت على الفتوى رقم10791 مما يتعلق بحكم لبس الذهب وتحريمه وإن انتفت العلة سوى أن مضمون الفتوى إجازة لبس الذهب الأبيض مع أن الذهب الأبيض يحتوي على ما يقارب السبعين في المائة ذهبا حقيقيا والباقي هو مجموعة معادن أخرى منها النحاس وهو ليس معدنا واحدا خالصا كالبلاتين وأيضاً لونه من خليط باقي النسبة من المعادن كسبيكة لا مادة كيميائية متفاعلة والله أعلم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان شأن الذهب الأبيض هو ما ذُكر فقد اختلف العلماء في هذه الصورة على حسب ما يترتب عليها من تغير حقيقة الذهب أو عدمه، فمذهب المالكية أن ذلك يحرم مطلقاً؛ إلا إذا كان الثلث فأقل فالمعتمد عند المتأخرين كراهته، قال عليش في منح الجليل: لا يجوز للذكر البالغ (ما) أي خاتم (بعضه) وأولى كله (ذهب ولو قلَّ-) الذهب عن الفضة، وأشار بـ(ولو) إلى القول بجواز ما قل ذهبه بأن كان ثلثه فأقل، واعتمد المتأخرون كراهته حينئذ. ا.هـ علماً بأن المالكية يبيحون الفضة للرجال في الخاتم دون غيره، والراجح –والله أعلم- أنه إذا خلط الذهب بغيره فاستحال لونه جاز للرجال استعماله إذا لم يتحصل منه ذهب عند حكه أو إذابته بالنار، وهذا هو أحد أقوال ثلاثة في مذهب الإمام أحمد، وهو المعتمد عندهم، قال المرداوي في الإنصاف: ففي المستحيل لونه ثلاثة أقوال: الإباحة وعدمها والفرق وهو المذهب. ا.هـ
والمقصود بالقول الثالث الذي فرق بين ما إذا تحصل منه شيء أم لا هو ما ذكرناه، قال المرداوي في الإنصاف: وحاصل ذلك أنه إذا لم يحصل منه شيء بعد حكه يباح على الصحيح من المذهب، وقطع به جماعة، وإن كان يحصل منه شيء بعد حكه لم يُبح على الصحيح من المذهب. ا.هـ
ونصوص الشافعية تدل على ذلك أيضاً، وهو يوافق قواعد الحنفية ونصوصهم أيضاً، قال البيجرمي في حاشيته على منهج الطلاب: وأما الخاتم فقال شيخنا: إنه كالمموه، فإن كان من ذهب ومُوه بفضة فإن حصل من ذلك شيء بالعرض على النار حلَّ، وإلا فلا، وإن كان من فضة وموه بذهب فإن حصل منه شيء بالعرض على النار حرم وإلا فلا. ا.هـ
وفي الفتاوى الهندية: ولا يُكره لبس ثياب كتب عليها بالفضة والذهب، وكذلك استعمال كل مموه، لأنه إذا ذوب لم يخلص منه شيء. ا.هـ
وبناء على هذا؛ فإن الراجح هو عدم جواز استعمال أو لبس الذهب الأبيض بالقيد الذي ذكرناه، ولو تغير لونه لكثرته، إذ نسبته تزيد على النصف، فلا يشبه المباح من الذهب الذي استهلكت عينه في غيره، وهو الذي لم يتحصل منه شيء.
ويُرْجع في تحديد النسبة إلى أهل الخبرة في صياغة الذهب، وهو الذي رجحناه في الفتوى رقم: 39876.
والله أعلم.