السؤال
في رمضان نزلت عليَّ قطرة شككت أنها كدرة، ثم انقطعت لمدة يومين ونصف، فهل يجب قضاء هذا اليوم؟ وفي يوم آخر نزل ما شككت أنه كدرة، ولكنني لم أستطع التأكد بسبب الإضاءة. فهل يجب قضاء هذا اليوم؟ وعادتي أن الحيض يبدأ بكدرة.
وسؤالي الآخر عن الجفوف: في بعض الأحيان عند التفقد لا أرى شيئًا، ثم في نفس اللحظة، أو بعدها بثوانٍ فقط تنزل كدرة، فهل هذا جفوف أم لا؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب عليك قضاء هذين اليومين، لأن الشك في الحيض وفي غيره من الأحداث لا أثر له، كما قال صاحب الكفاف نقلا عن القرافي: أن الشك في الشرط، والمانع، والسبب، لغو، لا يلتفت إليه، هذا هو ما مقتضى ما ذكره. اهـ
وفي حديث الصحيحين: أنه شُكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: قوله -صلى الله عليه وسلم-: حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا؛ معناه يعلم وجود أحدهما... وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها.... انتهى.
ولو تيقنتِ من نزول الكدرة، وكان ذلك في زمن العادة، فإنها تعطى حكم دم الحيض على الراجح، وقد بَيَّنَّا تفصيل ذلك في الفتويين: 117502 105061.
وأما عن سؤالك الثاني: فإن النقاء المعتبر لا بد أن يكون زمنًا ما، ولو ساعة.
وأما رؤية الكدرة في الوقت بعد رؤية المحل جافا في نفس اللحظة، أو بعيدها بثوانٍ، أو دقائق فلا يعتبر طهرا.
قال عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير على المقنع: 1/ 345: مسألة: وإن طهرت في أثناء عادتها اغتسلت وصلت، فإن عاودها الدم في العادة، فهل تلتفت إليه؟ على روايتين، هذه المسألة تشتمل على فصلين أحدهما في حكم الطهر في زمن العادة، والثاني: في حكم الدم العائد بعده، فمتى رأت الطهر فهي طاهر، تغتسل، وتصلي، وتصوم، ولم يفرق أصحابنا بين قليل الطهر وكثيره، لقول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل، فأما إن كان النقاء أقل من ساعة، فالظاهر أنه ليس بطهر؛ لأن الدم يجري تارة، وينقطع أخرى، وقد قالت عائشة: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، وقد روي عن أحمد أن النفساء إذا رأت النقاء دون يوم لا تثبت لها أحكام الطاهرات، فيخرج ههنا مثله، قال شيخنا وهو الصحيح -إن شاء الله تعالى-؛ لأن العادة أن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة حرج منفي، بقوله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج؛ ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرا، ولا تلتفت إلى الدم بعد أفضى إلى أن لا يستقر لها حيض، فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم دون يوم طهرا، إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء... اهـ.
والله أعلم.