السؤال
أود السؤال حيث إننا:منذ صغرنا قسم أبى علينا أنا وإخوتي أمواله ووضعها في بنك بأسمائنا. ولكن المبلغ منه ما يضعه أبى من كسبه ومنه ما هو فوائد من البنك .وعند زواجي أخذت جزء منها لجهازي واعتبرت أنه من الحلال الذي في المال. ثم ما تبقى أكثر من نصاب الزكاة .وأنا زوجة ولا أعمل وليس لي دخل خاص. وهذه الأموال يرفض أبى أن أسحب منها لشراء شيء لنفسي أو تسديد ديون زوجي حتى تكون لي مثل الميراث بعد والدي .وإذا سحبت من هذه الأموال كل سنة الزكاة ستنقص كثيرا لأن حتى فوائد البنك قليلة لا تكفى ولا أعرف مدى حلال هذه الأموال وسمعت فتوى تقول : بأنه يجوز إخراج الزكاة على الفوائد فقط. وليس اصل المال وكأنها عروض تجارة. فماذا أفعل؟فمثلا إن المبلغ 25 ألف جنيه مصري (بعد تحويل العملات الأخرى ) فإنه عليه 625 جنيه زكاة أما بتلك الفتوى فإنه عليه زكاه 125 جنية فقط
وبالمناسبة حتى دفتر هذه الأموال مع أبى ولا أستطيع التصرف فيها بغير إذنه.
الإجابــة
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المال الذي سجله أبوك في البنك باسمك وإخوتك هو هدية منه لكم وقمتم بحوزه الحوز الشرعي، فإنكم بذلك تملكونه.
قال ابن حجر الهيثمي: إذا قسم الأب ما بيده بين أولاده فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئا على سبيل الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض والإذن في القبول وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك وكان ذلك في حال صحة الواهب، جاز ذلك وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته، ومن مات منهم أعطي ما كان ما بيده من أرض ومغل لورثته.. وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثا لأولاده. اهـ.
وعلى هذا، فإذا تم الحوز منك لهذا المال على الوجه الذي أشرنا إليه، فإن الزكاة تلزمك في هذا المال كلما حال عليه الحول وهو بالغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
أما إذا كان الهدف من تسجيل أبيك لهذا المال باسمك وإخوتك إنما هو مجرد وصية لكم بذلك بعد موته، فهذا لا يعد هبة، وإنما هو وصية لوارث وهي محرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه أحمد، وزكاة هذا المال على أبيكم.
وعلى كل، فإن على من كان مالكا لهذا المال أن يتوب إلى الله عز وجل ويبادر إلى سحبه من هذا البنك الربوي فورا، وما تحصل عليه من فوائد ربوية فلا يجوز له الانتفاع بها بأي وجه من الوجوه، بل عليه التخلص منها بصرفها إلى الفقراء والمساكين.
وبخصوص ما سمعت من جواز إخراج الزكاة على الفوائد فقط فغير صحيح، لأن المال الحرام لا تجب فيه الزكاة، لأنه ليس ملكا لمن هو بيده، بل يجب عليه التخلص منه بالكامل ولا يمسك إلا رأس ماله، قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (البقرة: 279).
وأخيرا، ننبه والدك إلى أنه ينبغي له إن كان صادقا بالفعل في إعطائك هذا المال أن يدعك تتصرفين فيه بما ترينه مناسبا خاصة ما تنوين فعله من مساعدة زوجك المدين على قضاء دينه، لأن ذلك أمر محمود شرعا، ولاحتمال أن يكون أحد دواعي زواج زوجك بك هو مساعدته في تحمل مصاعب الحياة بما تملكينه من مال وهو ما أشير إليه في الحديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.