السؤال
نحن في دولة كافرة سيطرت علينا، وأدخلتنا ضمنها، مثل (الشيشان في روسيا)، وهناك أخ عمل نحو ثماني سنوات شرطيًّا هناك في بلده، وبلده مسلم ضمن الدولة الكافرة؛ ولهذا ترك ذلك العمل، لكنه لو أكمل عشر سنوات لأمكنه أن يحصل على الراتب (كالمتقاعد)، ولو ترك العمل، فلن يعطى له ذلك المال، فقال له شخص: إن أعطيتني ثلاثمائة ألف، فسأجهز لك هذه الأوراق كأنك عملت عشر سنوات، ويكون لك الراتب.
والآن قال هكذا: عندما تخرج من العمل بعد العشر كالمتقاعد، وتحصل على الراتب، فسيعطونك قدرًا معينًا من المال أيضًا غير الراتب -مثلًا مائة ألف، أو مائتين، (لا أدري قدره بالضبط)-، فاترك هذا القدر لنا، وسأجهز لك الأوراق، ويكون لك راتب شهري، فما حكم هذا؟ علمًا أننا في دولة الكفار. أشكركم على ما تقومون به من الخير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن الأخ المذكور عمل ثماني سنوات، لكنه سيدفع رشوة لمن يعمل له أوراقًا يتقاضى بموجبها ما يتقاضاه من عمل عشر سنوات، وهذا تزوير، لا يجوز:
فإما أن يعمل المدة المطلوبة التي يستحق بها ذلك المال، وتلك الحقوق، أو يكف عن التزوير والتحايل؛ إذ الأصل حرمة ذلك؛ لقول الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}، وقوله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً؟ قلنا: بلى -يا رسول الله-، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها؛ حتى قلنا: ليته يسكت. متفق عليه.
قال الراغب: الزور: الكذب. وقال الحافظ في فتح الباري: ضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول، فيشمل الكذب، والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة، فيختص بها، وقد يضاف إلى الفعل، ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه: تسمية الشعر الموصول: زورًا. اهـ.
وذكر العلماء ـ كما في الموسوعة الفقهية ـ تحت كلمة التزوير: أن التزوير يشمل: التزوير، والغش في الوثائق، والسجلات، ومحاكاة خطوط الآخرين، وتوقيعاتهم بقصد الخداع، والكذب.
وكون تلك الدولة المسلمة تابعة لدولة غير مسلمة، فهذا لا يبيح التزوير، والتحايل.
وعمل المرء شرطيًّا في دولته المسلمة، لا حرج فيه، إذا كان لا يباشر حرامًا، ولا يعين عليه.
والله أعلم.