السؤال
وقع شجار بيني وبين خطيبتي، وقد كتب كتابنا، وبخصوص عملها حلفت عليها بالنص التالي: تحرمين علي بالثلاثة، بل بالأربعة إذا لم تقدمي استقالتك، وقد حنثت في اليمين، حيث لم تقدمها، ومن ثم حلفت عليها إذا سافرت إلى الصين دون علمي وموافقتي، فهي طالق، طالق، طالق وقد حنثت، وقد سافرت مرتين، في المرة الأولى دون علمي، والثانية بعلمي وعدم موافقتي، فهل وقع عليها الطلاق؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا في تحريم الزوجة الرجوع إلى قصد الزوج، فإن نوى طلاقاً كان طلاقاً، أو نوى ظهاراً كان ظهاراً، وإن نوى اليمين أو لم ينو شيئاً محدداً، فهو يمين، وانظر الفتوى رقم: 14259.
والظاهر من سؤالك أنّك قصدت الطلاق بدليل قولك: بالثلاثة أو الأربعة، وعليه، فقد طلقت امرأتك بحنثك في اليمين، وبانت منك بينونة كبرى، فلا تملك رجعتها، إلا إذا تزوجت زوجاً آخر ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
وعلى فرض أنّك لم تنو بالتحريم الطلاق، فقد وقع الطلاق بحنثك في اليمين الآخر، وتبين به المرأة بينونة كبرى، إلا إذا كنت نويت بالتكرار التأكيد، فلا يقع إلا طلقة واحدة، فيجوز لك حينئذ أن تعقد عليها عقداً جديداً، قال الخرشي المالكي رحمه الله: ....... أو قال: أنت طالق طالق طالق من غير إعادة المبتدأ، فإنه يلزمه الثلاث من غير شرط نسق في المدخول بها، وبشرط النسق في غيرها، والمراد بالنسق المتابعة من غير فصل بكلام أو صمات اختياري، لا بسعال ونحوه، ومحل اللزوم إن لم ينو التأكيد، فإن نوى باللفظ الثاني والثالث التأكيد فإنه ينفعه ويقبل منه وتلزمه واحدة فقط مدخولا بها أم لا. اهـ
وهذا الذي نفتي به في الطلاق المعلق والتحريم المعلق وهو مذهب الجمهور، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لا يوقع الطلاق بالتحريم أو الطلاق المعلق بغرض التأكيد أو الحث أو المنع، ولكن يجعله كاليمين بالله فيه كفارة يمين عند الحنث، قال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي رِسَالَتِهِ: لَمْحَةُ الْمُخْتَطِفِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ، وَغَيْرِهَا، لَا وُقُوعَ فِي الْحَلِفِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ كَظِهَارٍ، وَعِتْقٍ، بَلْ يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وراجع الفتوى رقم: 11592.
ومادام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم، فالذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
والله أعلم.