الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بزوجة ثانية بالشروط المعتبرة ليس ظلما للأولى

السؤال

تزوجت منذ 11 سنة، وكنا نحب بعضنا، وهو كان يحبني جدا، لدرجة أنه وعدني وأقسم لي أنه لن يتزوج علي امرأة أخرى أبدا، حتى إنه أراد كتابة ذلك الشرط في عقد الزواج، ولكنني أنا من رفضت، وقلت له إني أثق فيك، وفي وعدك وقسمك ...
وانتظرته 5 سنوات حتى يتمكن من جمع المال اللازم للزواج، وتنازلت عن الكثير من طلبات الزواج حتى لا أثقل عليه، وتحملت كثيرا من ظروفه المادية الصعبة؛ لأنني أحبه.
وبعد عدة سنوات بدأ يشتكي مني، ويقول إني مقصرة معه في علاقتنا الخاصة، وأني لا أكفيه، وأنه يحتاج للزواج من أخرى.
بالإضافة إلى بعض المشاكل بسبب عصبيتي معه مثلا ، أو أني أحيانا أتطاول عليه في الكلام أثناء الشجار، ولكني بعد ذلك أعتذر له.
كنت دائما أشتكي من سوء معاملته عندما يغضب، وإهماله، وأني لا أشعر باهتمامه وحبه، وأحتاج لاحتوائه.
ومضت سنوات بين شد وجذب أحيانا، وسعادة أحيانا أخرى، واكتشفت في بعض الأوقات أنه يشاهد أفلام جنسية، وفي كل مرة يعدني أنه لن يكرر ذلك ...
ثم سافرنا لإحدى الدول العربية بحثا عن الرزق، وعشت معه في الغربة أنا وأولادي، ورفضت أن أتركه وحده، واكتشفت أنه ما زال يشاهد الأفلام أحيانا، وأحيانا أخرى يكلم نساء عن طريق الإنترنت بالكاميرا ...
وأيضا في كل مرة يقسم أنها الأخيرة.
وآخر سنة في حياتنا تعرف على امرأة أخرى، وكان يريد الزواج منها، واستمرت العلاقة بينهما سنة عن طريق الهاتف؛ لأننا كنا في بلد وهي في بلد آخر، وكان يقول إنها ملتزمة، وتحفظ القرآن ومع ذلك كان بينهما كلام محرم، ولم أكن أعلم بذلك ...
وفجأة تركته وتزوجت بآخر دون أن تخبره. وعندما علم بذلك حزن حزنا شديدا ظهر عليه، ولكنه لم يخبرني بالسبب.
وكان بيننا الكثير من المشاكل في الفترة الأخيرة لأنه كان يضخم أي مشكلة، ويقول إني لست مناسبة له، وغير مرتاح، ولا أكفيه ويحتاج لأخرى بالإضافة لمشاكل أخرى في عمله.
حتى إنه لجأ لأهلي، وقال إنه يريد أن يطلقني ويبتعد عني؛ لأن ظروفه النفسية لا تتحمل.
ثم كلمني خالي، ونصحني؛ لأن والدي متوفى ...
فبدأت أراجع نفسي، وأجاهدها حتى أغير من عصبيتي، وتبدل كلامي معه تماما لكلام حب فقط، وأصبحت لا أراجعه في كلامه، ولا أجادله كما يريد، وأضغط على نفسي كثيرا حتى في أيام تعبي، حتى أرضيه في علاقتنا الخاصة.
وبدأت فعلا أتغير حتى إن زوجي تفاجأ بذلك، وقال إنني أصبحت المرأة التي يحلم بها، وأنه لم يعد بحاجة لامرأة أخرى؛ لأنه لم يعد يشعر بالحرمان، أو الاحتياج لأي شيء.
ثم اعترف لي أنه كان على وشك الزواج من أخرى، ويعلم الله وقع الخبر علي وكيف أنني جاهدت نفسي، وتحملت كلامه وخيانته حتى أحافظ على البيت.
مع وعود وقسم أنه لن يتركني ولن يتزوج بأخرى، وأنه عرف خطأه وندم عليه، وأني أصبحت أكفيه.
وبعد شهرين رجع يقول لي إنني خلقت هكذا أعشق النساء، وأريد أن أتزوج بأخرى ليس لأي نقص فيك، ولكن فقط لأنه يريد أن يجرب أخرى.
في الوقت الذي أتغير لأجل أن أرضي ربي، ثم أرضيه وأعفه وأكفيه، لم يقدر ذلك، ولم يقدم أي تنازلات من أجل إسعادي كما أفعل أنا.
هو لم يكن ملتزما في بداية زواجنا، ولم يكن ملتزما في الصلاة، فكنت أصبر عليه كثيرا، وأدعو له، وأنصحه أحيانا، وأتركه أحيانا؛ لأنه كان يرفض النصح.
وبدأ يلتزم مؤخرا ويصلي بانتظام، وأصبح يتهمني أني لست كما يريد هو، يريد من هي أكثر التزاما.
وأحيانا أخرى يقول لي إنه سيصبر علي، كما صبرت عليه حتى ألتزم كما يريد.
وأحيانا أخرى يقول إنه لا يشعر بتقصير أو أي نقص مني، هو فقط يريد أن يجرب امرأة أخرى.
وقد صارحته أني لن أقبل بذلك، ولن أتنازل عن وعده لي عند الزواج بأنه لن يتزوج علي.
ولو أراد الزواج بأخرى فليتركني وهو حر في حياته؛ لأني نفسيا لا أستطيع تحمل هذا الأذى، خاصة أني تغيرت كثيرا لأجل إرضائه، وهو لم يعد يشكو مني، بالعكس دائما يمدحني ويقول إنه يعشقني ولا يستطيع تركي.
لا أعرف ماذا أفعل؟ أشعر معه بعدم الأمان، وأنه سوف يأتي اليوم ليتزوج بأخرى.
وهو في نفس الوقت يقول فعلا إنه يحتاج لأخرى، وكلما سألته ماذا ترى في من نقص أو عيب حتى أحاول إصلاحه؟ يقول: لا شيء. فقط أنا خلقت كذلك !!!!
أليس هذا ظلما ؟ فقط يريد أن يتزوج بأخرى ليجرب امرأة أخرى دون أي اهتمام بمشاعري؟ هل هذا عدل؟ هل هذا من حقه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن حقّ زوجك أن يتزوج بأخرى إذا كان قادراً على الزواج والعدل بينكما، ولا يشترط لإباحة تعدد الزوجات شروط أخرى، وراجعي الفتوى رقم: 9451.
ومجرد زواج زوجك بأخرى ليس فيه ظلم لك، أو إساءة إليك، أو قدح في محبته لك، فالنبي صلى الله عليه وسلم تزوج على نسائه وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الناس وفاء وإحسانا لأزواجه، قال صلى الله عليه وسلم: خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
وقد تزوج على عائشة -رضي الله عنها- وهي أحب الناس إليه، ولم يكن ذلك قدحا في محبته لها ومكانتها عنده، فقد روى عَمْرُو بْنُ العَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ... متفق عليه.
والذي ننصحك به أن تعاشري زوجك بالمعروف وتحسني التبعل له، وتجتهدي في التعاون معه على طاعة الله وتقواه، فذلك من أعظم أسباب السعادة والفلاح، ومن أسباب المودة والمحبة بين الزوجين، وراجعي الفتوى رقم: 65741، والفتوى رقم: 292519.
ونصيحتنا لزوجك أن يعاشرك بالمعروف، وإذا لم تكن به حاجة معتبرة للزواج بأخرى، فلا يقدم عليه، وتراجع الفتوى رقم: 192837
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني