السؤال
أرجو أن توضحوا لي أمرا أشكل علي كثيرا، وقد راسلتكم، لكن أحلتموني إلى فتوى، وكأني امرأة، أنا شاب، وأريد توضيحا حول مسألة الضرب على الوجه في الرياضة بالقفازات، وبالواقي أحيانا؟
وإذا كان بغاية تعلم صد اللكمات، ويكون بمحاولة عدم الإضرار بصديقي، وأيضا أحاول أن لا يضرني، مع العلم أني لن أشارك في البطولات؛ لما فيها من ضرب، وضرر كبير.
فهل إذا كان لا يسبب أضرارا كبيرة، ويكون أثناء التدريب للاعتياد على اللكمات، وأصبح أكثر صلابة، وقوة يجوز؟
وهل الضرب المنهي عنه، هو الذي يؤدي إلى ضرر كبير، أم أيضا هذا الذي يكون أثناء التدريب، وكما شرحت الضرب داخل في النهي؟ وأرجو توضيحا حول، وبيان عليها الفتوى (حكم الملاكمة إذا لم يترتب عليها ضرر للمتلاكمين)رقم الفتوى: 130472 .
وآسف فأنا أشعر أني أثقلت عليكم بأسئلتي، لكن أرجو أن يتسع صدركم، وشكرا مسبقا.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا الإشارة في الفتوى رقم: 119375 إلى أن ممارسة هذه اللعبة تقوية للبدن، ودفاعاً عن النفس، دون إيقاع ضرر بها، أو بالغير: لا بأس بها.
وقريب من هذا، في الفتوى التي ذكرها السائل برقم: 130472.
وفي كليهما قول الدكتور وهبة الزحيلي في كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته): إن لم يكن في الملاكمة، أو المصارعة ضرر بأحد الطرفين، كانت مباحة، وكذلك تباح إن كان فيها تعويد الإنسان على القوة والقتال، والدفاع عن النفس. اهـ.
ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا، أو في سوقنا ومعه نبل؛ فليمسك على نصالها أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيء. رواه البخاري ومسلم. ومع ذلك فقد أقر لعب الحبشة بالحراب في مسجده صلى الله عليه وسلم.
قال السيوطي في حاشيته على سنن النسائي: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: في تمكينه صلى الله عليه وسلم الحبشة من اللعب في المسجد، دليل على جواز ذلك، فلم كره العلماء اللعب في المساجد؟
قال: والجواب أن لعب الحبشة كان بالسلاح، واللعب بالسلاح مندوب إليه للقوة على الجهاد، فصار ذلك من القرب، كإقراء علم، وتسبيح، وغير ذلك من القرب. اهـ.
وقال القاضي عياض في (إكمال المعلم): في حديث الحبشة، جواز اللعب بالسلاح والمثاقفة؛ لأن فيه تدريبا على العمل بها في الحرب، وتمرينا للأيدي عليها. اهـ.
وقال النووي: فيه جواز اللعب بالسلاح، ونحوه من آلات الحرب في المسجد، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد، وأنواع البر. اهـ.
وقال ابن حجر: استدل به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب للتدريب على الحرب، والتنشيط عليه. واستنبط منه جواز المثاقفة؛ لما فيها من تمرين الأيدي على آلات الحرب. اهـ.
ويدل عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه. رواه مسلم.
قال القاضي عياض: فيه جواز المناضلة والمسابقة بالسهام، والحض على ذلك، وألا يترك ذلك، وإن استغنى عنه بما كفى الله من الفتح على الأعداء، وظهور الدين، وقد تقدم هذا، ومثله جواز اللعب بالسلاح، والمثاقفة، وإجراء الخيل وأشباه هذا، مع ما عضده من الآثار الأخر؛ إذ في كل ذلك التمرن والاستعداد، ومعاهدة الجسم، ورياضة الأعضاء بها. اهـ.
والله أعلم.