السؤال
كنت أريد أن أعمل صدقة جارية لي ولوالدي ـ الله يرحمه ـ وطلبت إحدى الأخوات على موقع على الإنترنت تبرعًا لمسجد بمبلغ لشراء رمل لتبليط مسجد جديد، فتطوعت، وقلت أريد أن أتكفل بالمبلغ، وسيتم الدفع خلال 3 أيام ـ حتى أكمل المبلغ ـ فتسرعت الأخت واشترت الرمل من مالها دون علمي، وبدأت العمل به، وعندما سألتها: لماذا التسرع؟ ولماذا البدء قبل وصول مالي؟ فقالت بأنها وثقت في كلامي، ودفعت هي إلى حين أن أرسل لها المال حتى لا يتكاسل العمال، ويوقفوا العمل، فهل بهذا تحسب الصدقة الجارية لي ولوالدي؟ أم تحسب لها؛ لأنها دفعت المال؟
أم تحسب الصدقة حسب نيتي؟ أنا حزينة جدا وأشعر أن المال لم يذهب لما أريده وأن الصدقة حسبت لها وليس لي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري، ومسلم في صحيحيهما عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وروى البخاري عن معن بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
وبناء على ما تقدم، وعلى ما تقرر عند أهل العلم من أن الأمور في الشرع تابعة للمقاصد، فأنت مأجورة فيما حصل بحسب قصدك، ونيتك، فيكون هذا المال قد وقع صدقة جارية عنك وعن والدك ـ إن شاء الله ـ ولا يؤثر في ذلك ما قامت به الأخت المذكورة من الشراء قبل وصول مالك، فإنها إنما فعلت ذلك بناء على وعدك لها، ولم تفعله بقصد الصدقة عن نفسها، كما صرحت بذلك، وأنت هنا ملزمة شرعًا بالوفاء بهذا الوعد الذي ترتب عليه تصرفها، أو تعويض ما صرفت هي من مال بسبب وعدك لها، وانظري الفتوى رقم: 260590.
أما هي: فلها أجر سعيها، وتسببها فيما حصل من خير، وليس لها أجر ذلك المال؛ لأنها لم تبذله بنية الصدقة عن نفسها.
والله أعلم.