السؤال
إذا قال الطبيب لإنسان إذا لم تشرب هذا الدواء لمدة معينة فإنك ستعرض نفسك للموت فهل يعتبر هذا الإنسان منتحراً إذا توقف عن الدواء فمات علماً بأنه لم ينو الانتحار وإنما سئم من كثرة الدواء وطول المدة؟ وبارك الله فيكم؟
إذا قال الطبيب لإنسان إذا لم تشرب هذا الدواء لمدة معينة فإنك ستعرض نفسك للموت فهل يعتبر هذا الإنسان منتحراً إذا توقف عن الدواء فمات علماً بأنه لم ينو الانتحار وإنما سئم من كثرة الدواء وطول المدة؟ وبارك الله فيكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة مبنية على حكم التداوي؟ وللعلماء مذاهب في ذلك.. فذهب الجمهور إلى الإباحة، وذهب الشافعية وبعض الحنابلة إلى الاستحباب، وذهب جمهور الحنابلة إلى أن ترك التداوي أفضل، وأوجبه الظاهرية ووافقهم الشافعية في حالة تيقن المريض أن الدواء ينفعه، مثل: عصب الجرح الذي ينزف. والأصل في الأمر بالتداوي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي والحاكم وجماعة عن أسامة بن شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عباد الله تداووا، فإن الله ما وضع داء إلا وضع له دواء إلا داء واحداً، فسئل عنه فقال: الهرم.
والذي نراه من حيث أصل التداوي الإباحة؛ إلا إذا غلب على ظن المريض أو الطبيب أن ترك تناول الدواء يكون سبباً في الموت، ففي هذه الحالة نرى أنه يجب عليه تناول الدواء ولو طال أمد استعماله لأن الله تعالى نهى عن قتل النفس، وترك التداوي في هذه الحالة سبب لذلك، قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29].
ونهى سبحانه وتعالى عن إلقاء النفس في التهلكة بقوله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].
لكن هذا الرجل لا يعتبر منتحراً؛ وإنما يأثم لتركه التداوي إذا كان قادراً عليه وعالماً بنفعه له وبما يترتب له على تركه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني