السؤال
تعرفت على فتاة أجنبية، كانت لا أدرية - أي لا تعرف هل الله موجود أم لا - وأردت الزواج منها، وكانت على استعداد لفعل أي شيء لنتزوج، فأفهمتها القيود في الإسلام، فقالت لي إنها سوف تحاول أن تقرأ لعلها تؤمن. وبالفعل بدأت تقرأ عن الإسلام. هي الآن مؤمنة بالله، وكتبه، ورسله، وبالإسلام دينا، ولكنها لا تريد أن تنطق الشهادة حتى تكون مقتنعة تماما بكل مبادئه؛ لأنها حتى الآن ليست مقتنعة بكل نقطة في الإسلام أو (مثلا قطع يد السارق، أو لماذا حرم الله شرب الخمر مفردا ما دامت لا تؤذي أحدا ).
سؤالي: هل زواجي منها حلال أم حرام؟
وماذا أفعل حتى أتيقن تماما أنها مؤمنة بالإسلام تماما، وسوف تربي أولادي مستقبلا على الإسلام؟
أريد الرد مفصلًا بالدلائل.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل نكاح الكافرة غير الكتابية حتى تسلم؛ لقوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة:221}.
وللمزيد في تقرير هذه الحرمة وأسرارها تنظر الفتوى رقم: 127973.
ولا يحكم بإسلامها حتى تنطق بالشهادتين بشروطهما مهما زعمت أنها مؤمنة بأركان الإسلام، كما نقل العلامة ابن باز عليه الإجماع في الفتوى رقم: 174801 . ولو شهدتهما بلغتها الأعجمية صحت شهادتها، كما قررناه في الفتوى رقم: 195511 .
ولا ينفعها النطق بالشهادتين ما دامت جاحدة لحد من حدود الله المجمع عليها كحد السرقة، أو حكم مجمع عليه كحرمة الخمر لإخلالها بشرط الانقياد والتسليم. وتنظر للأهمية شروط شهادة التوحيد وأدلتها في الفتوى رقم: 5098 .
وقد قال الإمام الطحاوي في عقيدته: وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التسليم، والاستسلام. اهـ.
وشرح هذه الجملة ابن أبي العز في شرحها فقال: أَيْ لَا يَثْبُتُ إِسْلَامُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ، وَيَنْقَادُ إِلَيْهَا، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَارِضُهَا بِرَأْيِهِ، وَمَعْقُولِهِ، وَقِيَاسِهِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- أَنَّهُ قَالَ:" مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَمِنَ الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ." وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ نَافِعٌ. اهـ.
فإذا نطقت بالشهادتين بشروطها فهي مسلمة، موحدة، فإذا حسن إسلامها بأن تعلمت شرائع الإسلام، وعملت بها، وعرفت حق الله عليها في الزوج والذرية، فنرجو بذلك أن تكون زوجة صالحة، وأُمّا مربية لأولادك على الإسلام.
وإذا استمرت في الإصرار والامتناع عن النطق بالشهادتين، أو نطقت بهما دون اقتناع، أو لم تقتنع بالتسليم ببعض حدود الله كحد السرقة، أو حرمة شرب الخمر... فهي ما زالت كافرة، ولا يجوز لك الزواج منها، ويجب عليك أن تبتعد عنها، وتقطع كل علاقة بها حتى تسلم وتعقد عليها عقدا مستوفيا جميع شروط الصحة.
والله أعلم.