السؤال
أنا أصل أرحامي من الأعمام والعمات في ثلاث مناسبات؛ عند دخول رمضان، وعند عيد الفطر، وعند عيد الأضحى، وصلتي لهم بالهاتف، وهم لا يصلوني أبدًا إلا إذا احتاجوا شيئًا مني، مع العلم أنهم وأبي لا يصلون بعضهم؛ لأن الأرحام مقطوعة في هذه العائلة، والنفوس فيها ما فيها، ورغم عدم صلتهم لي، فأنا أداوم على الاتصال بهم في هذه المناسبات الثلاث، فهل أنا قاطع للرحم؟ وإذا كنت لا أصلهم كما ينبغي فهل بهذه الاتصالات أرفع عن نفسي جريمة قطع الرحم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة رحم الأعمام والعمات واجبة اتفاقًا، كما فصلناه في الفتويين: 11449 ، 12848 ، وقطيعتهم كبيرة من الكبائر؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه، والاتصال بهم هاتفيًا، والسلام عليهم، وتهنئتهم في هذه المناسبات يدخل في عموم صلة الرحم، كما دللنا عليه من السنة الصحيحة في الفتوى:240067، وراجع أيضا الفتوى: 123691.
وأما إجزاء هذا المقدار عن الصلة الواجبة نحوهم، ونفيه لوصمة القطيعة عنك، فمرده إلى العرف الجاري في أوساطكم، وذلك لأمرين:
1ـ عدم ورود تقدير شرعي في ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين في منظومته في أصول الفقه:
65 ـ وكلُّ ما أَتَى ولم يُحَدَّدِ بالشرعِ، كالحرزِ، فبالعرفِ احْدُدِ
وقال - يرحمه الله - في خصوص المقام: وصلة الأقارب بما جرى به العرف، واتّبعه الناس؛ لأنه لم يبيّن في الكتاب، ولا السنة نوعها، ولا جنسها، ولا مقدارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين، بل أطلق؛ ولذلك يرجع فيها للعرف، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة.
2ـ اختلاف القدر المجزئ من الصلة حسب الظروف والأحوال:
قال القاضي عياض ـ فيما نقله عنه العيني في شرحه على البخاري ـ: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ـ ولو بالسلام ـ ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعًا، ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلًا.
وعليك أن تعلم أخيرًا أن تقصيرهم في صلتك، أو صلة أبيك، بل حتى إيذاءهم لا يسوغ قطيعتهم، وهو ما قررناه في الفتوى: 136334، فانظرها للأهمية.
والله أعلم.