السؤال
إحدى قريباتي محجبة، وليست منتقبة, وقد طلبت مني أن أخبرها بوصفة تستعمل في تبييض الوجه ونضارته، فما حكم ما فعلته؟ مع العلم أنها يمكن أن تخبر أشخاصًا آخرين بهذه الوصفة؟ فماذا أفعل وقد أخبرتها؟ وما الحكم إذا طلبت مني فتاة أخرى أن أخبرها بهذه الوصفة؟ الرجاء الإجابة بسرعة؛ لأن ضميري يؤنبني - جزاكم الله خيرًا -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائلة لم تبين لنا حال هذه الوصفة، ولكنه لا حرج في تزين النساء بما يبيض الوجه من المواد الطاهرة التي تزول بمرور الزمن, ولا تحول بين الجسم وبين الماء عند الطهارة إن لم يكن فيها ضرر, ولم يتيقن أنهن سيظهرن بالزينة أمام الأجانب، فإن الأصل في استخدام المواد التجميلية هو الإباحة استنادًا إلى القاعدة الجامعة: الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد ما يفيد التحريم.
وإذا ثبت تحقق ضرر في استخدامها، فتمنع إعمالاً لقاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وقد قدمنا بسط الكلام على ذلك وعلى إجراء العمليات التجميلية في الفتاوى التالية أرقامها: 206452، 210640، 147679 مع إحالاتها.
وأما إن تيقنت أنهن سيتبرجن به، فلا يجوز لكِ أن تعينيهن على التبرج بالدلالة على هذه الوصفة وتعليمها؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والله عز وجل يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والواجبُ عليكِ أن تعظيهن وتأمريهن بالحجاب، وتخوفيهن من مخاطر التبرج بالزينة، فإن المرأة المسلمة لا تخرج من بيتها مبدية زينتها للأجانب؛ لما يخشى من حصول الفتنة بذلك، فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات. رواه أحمد وأبو داود.
ومعنى: تفلات ـ أي غير متطيبات.
وإنما منعت المرأة من الخروج متطيبة؛ لأن ذلك مدعاة للفتنة، قال العراقي في طرح التثريب: قال ابن دقيق العيد: يلتحق بالطيب ما في معناه، فإن الطيب إنما منع منه؛ لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، قال: وقد ألحق به حسن الملابس ولبس الحلي الذي يظهر أثره في الزينة، وحمل عليه بعضهم قول عائشة في الصحيحين: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد، كما منعت نساء بني إسرائيل. اهـ.
وقال صاحب كتاب عون المعبود: إنما أمرن بذلك ونهين عن التطيب؛ لئلا يحركن الرجال بطيبهن، ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة، كحسن الملبس، والتحلي الذي يظهر أثره، والزينة الفاخرة. انتهى.
والله أعلم.