الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزيوت لا حرج في استعمالها في الشعر, فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دهن رأسه بالزيت, والوصية بتكريم الشعر ودهنه, وقد عد بعض العلماء ذلك من السنة، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة. رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والمنذري والألباني.
وعن جابر بن سمرة أنه سئل عن شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان إذا ادهن رأسه لم ير منه، وإذا لم يدهن رئي منه. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان له شعر فليكرمه. رواه أبو داود، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، قال صاحب عون المعبود في شرحه: من كان له شعر فليكرمه، أي: فليزينه ولينظفه بالغسل والتدهين والترجيل، ولا يتركه متفرقًا، فإن النظافة وحسن المنظر محبوب. اهـ
وأما التبغ فأصله نبات, كما في الموسوعة الفقهية, وهو طاهر, كما هو الاصل في النباتات وقد صرح جمع من أهل العلم بطهارة الحشيش الذي هو أعظم شأنًا من التبغ بسبب إذهابه للعقل أحيانًا, وجوزوا استعماله في ظاهر الجسد؛ وبناء عليه فان ثبت نفع التبغ من الناحية العلمية في تطويل الشعر فلا نرى حرجًا فيه فقد جاء في الموسوعة الفقهية: من القواعد العامة التي أجمع عليها الفقهاء أن الأشياء المحرمة النجسة المنصوص عليها كالخمر لا يجوز التداوي بها, أما ما لا نص فيه فإنه يختلف باختلاف اجتهاد الفقهاء, فمن قال بنجاسة الدخان, وأنه يسكر كالخمر لا يجوز عنده التداوي به, لكنه عند جمهور الفقهاء طاهر, ويجوز التداوي به, كما يؤخذ ذلك من نصوصهم, وهذا إذا كان يمكن التداوي به. اهـ
وقال القروي في الخلاصة الفقهية: بخلاف الحشيشة ونحوها, فهي من الطاهر, ويحرم تعاطيها، ولا يحرم التداوي بها في ظاهر الجسد. انتهى.
وقال الصنعاني - رحمه الله - في سبل السلام: والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة، وأما النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس؛ وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم, فإنه يحرم لبس الحرير والذهب, وهما طاهران ضرورة إجماعًا. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِطَهَارَةِ الدُّخَّانِ, قَال الدَّرْدِيرُ: مِنَ الطَّاهِرِ الْجَمَادُ، وَيَشْمَل النَّبَاتَ بِأَنْوَاعِهِ، قَال الصَّاوِيُّ: وَمِنْ ذَلِكَ الدُّخَّانُ. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين - رحمه الله -: الصلاة تصح ولو كان حاملًا له؛ وذلك لأنه ليس بنجس، إذ ليس كل حرام يكون نجسًا، وأما النجس فهو حرام، فهاتان القاعدتان ينبغي لطالب العلم أن يفهمهما: ليس كل حرام نجسًا، والقاعدة الثانية كل نجس فهو حرام، فالقاعدة الأولى أنه ليس كل حرام نجسًا، فإننا نرى أن السم حرام وليس بنجس، نجد أن دخان السيجارة حرام وليس بنجس. انتهى باختصار.
والله أعلم.