السؤال
وصلتني سحارة برتقال من أحد الأصدقاء وأنا أعلم أنه ليس لديه بيارة وأغلب الظن أنه قام بقطفها دون إذن صاحب البيارة فلم أدخلها بيتي وقمت بإعطائها لشخص آخر، فهل ينالني ذنب؟ وإن كان نعم، فماذا أفعل؟ وشكرا.
وصلتني سحارة برتقال من أحد الأصدقاء وأنا أعلم أنه ليس لديه بيارة وأغلب الظن أنه قام بقطفها دون إذن صاحب البيارة فلم أدخلها بيتي وقمت بإعطائها لشخص آخر، فهل ينالني ذنب؟ وإن كان نعم، فماذا أفعل؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا إلى أن إساءة الظن بالمؤمن في ماله والتورع عن قبول هديته دون وجود ما يقتضي ذلك يعتبر من التنطع المذموم، ولا يلزم البحث والتفتيش عن مصدر مال المسلم مستور الحال، لكن ما علم المسلم أنه حرام اجتنبه، وما لا يعلم فلا يبحث ولا يفتش عن مصدره، بل يبني الأمر على الأصل وهو حل المال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن أجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم، وإن كان مجهول الحال فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلاً بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراماً ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلاً، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ. بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.
أما إذا كان غلب على ظنك أن صاحبك غصب البرتقال أو سرقه فلا يجوز قبول هديته، ومعاملته في عين ذلك المغصوب أوالمسروق، كما بينا في الفتويين رقم: 16538، ورقم: 56934.
وكان الواجب عليك إمساك البرتقال لصاحبه إن علمته وكنت تستطيع الوصول إليه وإلا فتتصدق به عنه إن أيست من معرفته أوالوصول إليه، وحيث إنك لم تفعل ذلك مع غلبة ظنك بحرمة تلك السحارة فالظاهر أنك تضمنها لصاحبها، قال ابن جزي في القوانين الفقهية: «مسألة في معاملة أصحاب الحرام وينقسم حالهم قسمين أحدهما أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب أو السارق أو شبه ذلك فلا يحل شراؤه منه ولا البيع به إن كان عينا ولا أكله إن كان طعاما ولا لبسه إن كان ثوبا ولا قبول شيء من ذلك هبة ولا أخذه في دين ومن فعل شيئا من ذلك فهو كالغاصب والقسم الثاني أن يكون الحرام قد فات من يده ولزم ذمته فله ثلاثة أحوال ((الحالة الأولى)) أن يكون الغالب على ماله الحلال فأجاز ابن القاسم معاملته وحرمها أصبغ ((والثانية)) أن يكون الغالب على ماله الحرام فتمنع معاملته على وجه الكراهة عند ابن القاسم والتحريم عند أصبغ ((والثالثة)) أن يكون ماله كله حراما فإن لم يكن له قط مال حلال حرمت معاملته وإن كان له مال حلال إلا أنه اكتسب من الحرام ما أربى على ماله واستغرق ذمته فاختلف في جواز معاملته بالجواز والمنع والتفرقة بين معاملته بعوض فيجوز كالبيع وبين هبته ونحوها فلا يجوز.» انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني