السؤال
باختصار. في نقاش بين الأصدقاء عن الذنوب بعد الموت هل تظل ذنوب الإنسان مستمرة بعد موته أم لا؟
البعض قال نعم والبعض قال لا. مثلا الراقصة التي توفيت ولم تتب لله، فهل بعد موتها يزيد عذابها كلما شاهد أحد مقاطع فيديو لها؟
المطرب مثلا بعد وفاته كلما استمعت لأغنياته هل يضره ذلك في القبر ؟
أتمنى أن أكون سألت بطريقة واضحة، وبانتظار إجابتكم بارك الله فيكم.
للعلم : جميع البنات المشاركات في الحوار سوف يقرأن الإجابة إن شاء الله لذلك أطلب منكم توجيه الكلام لنا جميعا؛ من يقول نعم، ومن يقول لا.
أعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عمل عملا سيئا وامتد أثره من بعده كان عليه وزره ووزر من ضل بسبب عمله، كما قال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل:25}. وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ. {يس:12}.
قال مجاهد في تفسيرها: ما أورثوا من الضلالة. نقله عنه ابن كثير.
وقال جار الله الزمخشري في تفسير: ونكتب ما قدموا وآثارهم. ونكتب ما أسلفوا من الأعمال الصالحة وغيرها وما هلكوا عنه من أثر حسن، كعلم علموه، أو كتاب صنفوه، أو حبيس حبسوه، أو بناء بنوه: من مسجد أو رباط أو قنطرة أو نحو ذلك. أو سيئ، كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين، وسكة أحدث فيها تخسيرهم، وشيء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله: من ألحان وملاه، وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها. ونحوه قوله تعالى: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ أى: قدّم من أعماله، وأخر من آثاره. انتهى.
وإذا كان من دعا إلى ضلالة ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فكيف بمن خلف صورة تشاهد وصوتا يسمع مما يصد به عن سبيل الله. فلا تستوي معصية استتر بها صاحبها وماتت بموته، وأخرى جاهر بها صاحبها واستعلن بل بقيت بعده في الناس أثرا شاهدا بقبح سيرته عياذا بالله.
والذي نوجهه لكنَّ من النصح ولكل مسلم هو أن يحرص المسلم على أن يخلف بعده من الآثار ما يكون له لسان صدق، وما يجري عليه نفعه بعد موته من دعوة إلى هدى أو إحياء سنة وما إلى ذلك من وجوه الخير التي يجري نفعها على العبد بعد موته، وأن يحذر طريق المخذولين ممن استخفهم الشيطان وأغواهم فانحرفوا عن الجادة وحادوا عن سواء السبيل، ففسدوا وأفسدوا وضل الناس بهم أحياء وأمواتا، فتعرضوا بذلك لسخط الله ومقته وعظيم عقوبته، إلا أن يتجاوز برحمته عمن يشاء أن يتجاوز عنه من أهل التوحيد.
والله أعلم.