السؤال
هذا رد على الفتوى رقم 142753 و الفتوى المستدل بها رقم 13930 و على إثر هذا فإن الأحاديث الواردة في الفتوى رقم: 13930 لا تثبت بل لا تدل على جواز تقبيل وجه الوالدين ورجليهما لأنها أثبتت مثل هذا الفعل مع الرسول صلى الله عليه وسلم نظرا لفضله العظيم في تبليغ الأمة الرسالة المكلف بها. ولهذا فسؤالي يتعلق بهذا الفعل مع الأبوين وليس مع النبي، إذ لا يجوز اعتبار النبي والوالدين في نفس المرتبة من السماحة والعصمة من الخطأ و النبوة التي جعلته لا ينطق عن الهوى فكان فضله وعلمه يفوق كل المراتب ولا يمكن أن يشبهه في مثل هذا الفضل وهذه العصمة أحد على حد السواء ولا يجوز أن ينافسه أحد في عظم قدره على المخلوقين ولو كانوا أولي الأمر الذين أمرنا بطاعتهم بأمره هو صلى الله عليه وسلم ونهيه لنا عن معصية أولي الأمر بنهيه هو أيضا كما جاء ذلك في قوله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
وجاء أيضا ذلك على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه ينبغي طاعة أولي الأمر ابتداء من الوالدين وانتهاءا إلى الحكام وأصحاب النفوذ، والأحاديث الواردة في الفتوى 13930 أثبتت مثل هذا الفعل مع النبي كما شهد له الصحابة بالرسالة و صدق النبوة بعد أن أدركوا عظم فضله وقدره في توجيههم فيما أشكل، واختلف فيه من الأمر فقال أحدهم : أشهد أنك لرسول الله . دلالة على أن الرسول قد عظم في قلوبهم ووجدوا فيه الدواء لدائهم فأجلوه وعظموا قدره. وبهذا التعظيم والإجلال له قبل يده ورجله كما ورد الفعل منهم. ولكن سؤالي عند ما يتعلق الأمر بالولدين وليس مع الرسول إذ لا يصح أن نجعل مقام الوالدين في نفس مقام الرسول، لأن الرسول يصيب وهو معصوم من الخطايا أما الوالدان وإن كانوا من ذوي الفضل وأولي الأمر الذين أمرنا بطاعتهم ليسوا ممن يعصم من الخطايا حتى نجعلهم في مثل مقام الرسول ونقبل يديهم وأرجلهم كما ورد الفعل مع الرسول. فلا يعد إذن أن يكون ذلك إلا شركا محضا كما أننا معشر المسلمين أمرنا بطاعة أولي الأمر من الحكام ولو كانوا جورة وظالمين ولكن لم نأمر بطاعتهم للخضوع والاستكانة لهم ... بتقبيل أيديهم وأرجلهم بنفس ما فعل بالرسول . فلا يعد إذن ذلك أن يكون إلا شرك قد انزلق فيه كثير من الخلق.
والمسألة التالية هي في تعليقكم على الفتوى 142753 فيما يخص الشك إذ أن الشك إذا كان في طريق الحق صار مذموما وإن كان في إدراك الحق لا يمكن أن يكون مذموما، ولكن المذموم في الإسلام هو الظن وليس الشك كما زعمتم لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. ولم يرد ذلك في لفظ الشك ولم يرد في القرآن لفظ الشك على الإطلاق إلا فيما يؤيد فيه الكفار والمنافقون حججهم الباطلة ضد الرسول وذلك كله وارد بصيغة الظن وليس للشك مقام كمقام الظن، والفرق واضح في كون الظن يحل في الإنسان إذا تبين له الحق وانكشفت له الحجة فيسمى ذلك ظنا ولهذا ذمه القرآن لأن الكفار ظنوا ظن الباطل بعد ما أراهم الرسول من معجزات نبوته صلى الله عليه وسلم، أما الشك فهو تفكر في أمر قد اختلف فيه ولم تتبين الحجة بعد ما دام الاختلاف قائما إلا أنه قد لا يكون مذموما في حال عدم وجود دليل أو كان الدليل موجودا ولكن غير كاف فيحصل الاجتهاد بالعقل في الوصول إلى الدليل وتبيان الحجة وهذا يعقب ظهور الحجة المقنعة فإذا ظهرت الحجة واستمر الشك بعد قيام الحجة تحول الشك إلى ظن. و ما ذمه الدين الظن وليس الشك.