السؤال
منذ أن تبت إلى الله في أول مرة في حياتي كنت أصلي، ولكن لا أعلم شيئا عن الدين فحصلت لي فننة وهي أن أحدهم قال لي لماذا تصلي؟ والله لا يوجد؟ ولا أعلم آن ذاك أن الشيطان هو الذي يوسوس لبني آدم، ومن ثم أردت أن أتحكم في عواطفي، ولكن ـ للأسف الشديد ـ عاد لي مرض القلب الذي ذكر في القرآن عدة مرات فكلما أتوب إلى الله وأبدأ قراءة القرآن أصل إلى هذه الجملة: في قلوبهم مرض، فليحذر المنافقون والذين في قلوبهم مرض ـ أيأس يأسا تاما، وكلما أتوب أعود إلى ترك الصلاة، وأرجع ذلك إلى المعاصي والذنوب الكبائر ثم أتوب من جديد، وأعود مرة أخرى وهكذا قضيت حياتي من يوم تبت إلى الله في أول مرة في حياتي وأنا اليوم أقسم لك بالله أنني أتألم ألما لا يعلم به أحد، ولا أزيد لك ـ فضيلة الشيخ الكريم ـ همومي الأخرى التي عشتها في المنزل، فكل عائلتي وقعت في السحر وكل أبواب مغلقة عنا؟ واليوم ومع كل هذه المشاكل كيف أصل إلى أن أؤمن بالله رب العالمين حقيقة الإيمان؟ وكيف نعيش ككل الناس؟ كما قال العالم لسيدنا موسى عليهم السلام، كيف تصبر على ما لم تحيط به خبرا؟ وأريد أن أقول لكم إننا لسنا بالجهالة، رغم أن هذاحصل لي ولعائلتي، إلا أننا نحب فعل الخير مع ما حصل لنا من كل هذه الظروف.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فموضوع الإيمان بالله تعالى هو أصل الركائز العقدية التي لا بد فيها من تحصيل اليقين، ولا يستقيم للعبد عمل صالح إلا بعد ترسيخه، ولكن لا بد من التفريق بين الشك في وجود الله وبين الوسوسة في هذه المسألة، فقد يطرأ في نفس الإنسان نوع وسوسة يظنه شكا، وهو ليس كذلك، بل يكون في داخله مصدقا مؤمنا، وقد سبق لنا بيان الفرق بين الشك والوسوسة في الفتوى: 120582.
وعلى أية حال، نقول: إن الشك في وجود الله تعالى كالشك في طلوع الشمس ووجود الليل والنهار، وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، وكيف يشك العاقل في وجود خالقه؟ وكل هذا الكون بنظامه ودقته من دلائل وجوده، بل الإنسان نفسه بما فيه من عجائب الخلق وإتقانه أحد هذه الشواهد، كما قال تعالى:وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ. { الذاريات: 21 }.
ثم إنه من المعلوم عقلا أن كل مخلوق لا بد له من خالق، لامتناع أن يكون هو خلق نفسه، أو أنه وجد دون موجد، ولهذا قال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ. { الطور: 36ـ 35 }.
فكيف بخلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة؟ قال تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.{ غافر: 57 }.
ولذلك قالت الرسل لأممهم: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.{ إبراهيم: 10 }.
وقد سبقت لنا عدة فتاوى عن الأدلة المتلوة والمرئية على وجود الله جل جلاله، منها الفتاوى: 22279، 35673، 52377، 75468، 33504.
وأما مسألة التوبة ومعاودة الذنب: فراجع فيها الفتاوى: 66163، 112268، 121801.
وراجع في بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها وما ينبغي فعله عندها، الفتاوى: 10800، 1208، 29785، 25324، 18074.
وراجع في موضوع علاج السحر الفتاوى: 3273، 5252، 5433، 116797.
والله أعلم.