السؤال
أريد معرفة الزكاة لمزرعة مواش من البقر والجاموس يتم تربيتها ثم بيعها وهي شركه بيننا وبين الفلاح الذي يقوم بتربيتها على أنه يأخذ ثلث ربحها عند البيع بالإضافه إلى أنه يأخذ اللبن كله ويستفيد هو منه مقابل عمالته وهل يجب إخراج الزكاة عن كل سنة أم مرة واحدة عند بيعها (لأنها كالمال المجمد لا يستفاد منه إلا عند بيعه ولا نستفيد من لبنها سوى ما يعطينا الفلاح برضاه لنشرب منه)، وإذا كنا قد خالفنا الطريقه الصحيحة لحساب الزكاة أو أننا لم نخرج عن السنوات الماضية (والتي لا أعلم عددها)، فهل يلزمنا إخراج الزكاة عنها وما كيفية تقدير السنوات؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولاً إلى أن المعاملة المذكورة إذا كانت على أن يقوم صاحب المزرعة بدفع الماشية لمن يقوم بتربيتها مقابل أن يأخذ العامل لبنها وثلث ربحها عند البيع فإنها لا تصح إذا كانت على سبيل المضاربة، لأن من شروط صحة المضاربة أن يكون رأس المال نقداً فلا تصح بغيره على الصحيح كالعروض، ولكن يجوز أن يدفع صاحب المال مالاً لآخر فيشتري به مواشي ويقوم عليها ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه..
ولا تصح المعاملة المذكورة أيضاً على سبيل الإجارة، قال ابن قدامة في المغني: ولو استأجر راعياً لغنم بثلث درها ونسلها وصوفها وشعرها أو نصفه أو جميعه لم يجز. لأن الأجر غير معلوم... ولا أعلم فيه مخالفاً وذلك لأن العوض مجهول معدوم ولا يدري أيوجد أم لا، والأصل عدمه ولا يصلح أن يكون ثمناً. انتهى.
وهكذا إذا كان الأجر لبنها وثلث ما ستباع به لأنه لا يعلم كم يكون أجره، ولكن إن تمت الإجارة على مدة معلومة بثلث الماشية الآن أو جزء منها معلوم صح، ثم للأجير بعد ذلك أن يبيع ما يملكه منها أو يستبقيه، والنماء الحاصل بينهما بحكم الملك.. قال ابن قدامة في المغني: وإن استأجره على رعايتها مدة معلومة بنصفها أو جزء معلوم منها صح لأن العمل والأجر والمدة معلوم فصح كما لو جعل الأجر دراهم ويكون النماء الحاصل بينهما بحكم الملك لأنه ملك الجزء المجعول له منها في الحال فيكون له نماؤه كما لو اشتراه. انتهى.
فإذا كانت المعاملة فاسدة فيجب فسخها، ويكون للأجير أجرة مثله، والنتاج من لبن وكذلك الربح يكون لصاحب المواشي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114480، والفتوى رقم: 115227.
أما حكم الزكاة في هذه المواشي فتجب فيها زكاة التجارة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، والنصاب هو ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب، فيجب أن تُقوم هذه المواشي كل سنة ثم يخرج ربع العشر من قيمتها، لأنها صارت عرضاً من عروض التجارة.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا اشترى للتجارة نصاباً من السائمة، فحال الحول، والسوم ونية التجارة موجودان، زكاه زكاة التجارة، وبهذا قال أبو حنيفة، والثوري، وقال مالك والشافعي في الجديد: يزكيها زكاة السوم، لأنها أقوى لانعقاد الإجماع عليها. انتهى.
وراجع في بيان ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55947، 95204، 99219.
وأعلم أن الزكاة تزكي المال وتنميه، وتضييعها ينقصه ويمحقُ بركته، فبادر بإخراج الزكاة عن هذه المواشي، وإذا كنت لم تخرج الزكاة أو أخرجت جزء منها فعليك المسارعة إلى التوبة إلى الله تعالى وإخراج ما قد وجب عليك من الزكاة، وكون هذا المال مجمداً ليس عذراً لتأخير إخراج الزكاة، فإذا تحققت شروط الزكاة وجب إخراجها، ويمكنك أن تبيع رأساً أو أكثر من هذه الماشية لتخرج الزكاة الواجبة عليك.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا أتى على المكلف بالزكاة سنون لم يؤد زكاته فيها وقد تمت شروط الوجوب لم يسقط عنه منها شيء اتفاقاً، ووجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته فيها. انتهى.
فعليك أن تراجع حساباتك مراجعة دقيقة فتحسب قدر الزكاة الواجبة عليك في كل سنة وهو 2.5% من قيمة المواشي وما تملك معها من التجارة تفعل ذلك كل سنة، ومجموع الناتج هو الواجب عليك إخراجه، فإن عجزت عن الوصول إلى اليقين في ذلك أو في عدد السنوات التي يجب إخراج الزكاة فيها فاعمل بالتحري حتى يحصل لك غلبة الظن بأنك أبرأت ذمتك وقضيت ما عليك، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21769، 44533، 112248، 113916، 117113.
وراجع في بيان حكم زكاة الأنعام إذا لم تكن متخذة للتجارة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16510، 18856، 31056.
والله أعلم.