السؤال
ماهو رأي الشرع في لباس الرجل للذهب ولو بكميات ليس من شأنها إثارة الفتنة التي من أجلها حرم؟
ماهو رأي الشرع في لباس الرجل للذهب ولو بكميات ليس من شأنها إثارة الفتنة التي من أجلها حرم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه أما بعد:
فتحلي الرجال بيسير الذهب له ثلاث صور:
الأولى: أن يكون يسيراً مفرداً ، وذلك كالخاتم ونحوه ، فهذا محرم باتفاق جماهير أهل العلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحل الذهب والحرير على الإناث من أمتي ، وحرم على ذكورها" رواه أحمد والنسائي.
الثانية: أن يكون يسيراً تابعاً لغيره كفص ذهب في خاتم فضة ونحوه ، فهذه الصورة محل خلاف بين العلماء: فذهب أحمد في ظاهر مذهبه والمالكية والحنفية إلى جوازها ، واحتجوا بحديث معاوية: "نهى صلى الله عليه وسلم عن الذهب إلا مقطعاً" رواه أحمد وأبو داود. قال ابن مفلح في الفروع: "وتفسيره: الشيء اليسير منه فعلى هذا لا يباح إلا أن يكون تابعاً لغيره ، فأما أن يلبسه مفرداً فلا ، لأنه لا يكون مقطعاً".
واحتجوا بالقياس: فقاسوا يسير الذهب على يسير الحرير.
وذهب الشافعية إلى حرمة الذهب للرجال يسيره وكثيره مطلقاً ، محتجين بعموم الأدلة المانعة من لبس الذهب على الرجال ، كقوله صلى الله عليه وسلم: "أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي ، وحرم على ذكورها" رواه أحمد والنسائي، وهذا تحريم عام لم يفرق بين يسير وكثير.
والراجح - والله أعلم- هو ما ذهب إليه الجمهور من جواز استعمال يسير الذهب إذا كان تابعاً لغيره ولم يكن مفرداً ، أما ما احتج به الشافعية من عموم أدلة النهي فهو مخصوص بحديث "نهى عن الذهب إلا مقطعا" وبالقياس على الحرير ، وهو قياس صحيح ، سيما وأن النهي عن الذهب جاء مقترناً بالنهي عن الحرير وقد ثبت جواز استعمال الرجال يسير الحرير المقطع ، فكان الذهب مثله.
الثالثة: ما موِّه بالذهب كالخاتم والساعة ، بحيث لو عرض على النار لم يخلص منه شيء ، وقد ذهب إلى جواز هذه الصورة: الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح ، والحنابلة خصوا جواز التمويه بالملبوس دون الأواني ، وعمدة الجمهور في هذا أن الذهب هنا مستهلك في غيره فصار كالعدم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني