الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة..

السؤال

هل المقصود من الإسراع في شأن الميت إلى اللحد الإسراع في تجهيزه والصلاة عليه ودفنه، أو المقصود الإسراع بالميت بعد الصلاة عليه إلى الدفن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تكن صالحة فخير تقدمونه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم.

وفي هذا الحديث حض على الإسراع بالجنازة، وذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أن المراد بذلك هو: الإسراع بالمشي عند حملها إلى القبر، بدليل العلة التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي قوله: "فشر تضعونه عن رقابكم" وقال: إنه الصواب الذي عليه جماهير العلماء. ونقل عن القاضي عياضٍ أن المراد بذلك هو: الإسراع في تجهيزها من تغسيل وصلاة ودفن، ونحو ذلك، ورد النووي هذا القول.

ولكن الذي يبدو من كلام الحافظ ابن حجر في الفتح هو ترجيحه، حيث قال بعد نقله للقولين: ويؤيده -يعني القول الأخير- حديث ابن عمر سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. أخرجه الطبراني بإسناد حسن، ولأبي داود من حيث حصين بن وحوح مرفوعاً: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظراني أهله. الحديث. اهـ.

والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه لا مانع من أن يشمل مراد الحديث الأمرين جميعاً، بشرط أن لا يكون في ذلك إخلال بما يستلزمه الحال.

والعلة التي ذكرها النووي تعقبها الفاكهاني -كما قال الحافظ- بأن الحمل على الرقاب قد لا يكون المراد منه حقيقته، كما تقول: حمل فلان على رقبته ذنوباً.

فتحصل -من جميع ما تقدم- أن الراجح هو: كون المراد بالإسراع ما يشمل الإسراع في الغسل والتكفين والصلاة والحمل والدفن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني