تردد الفتاة في القبول بالزواج من ابن خالتها الفقير أو انتظار غيره
2006-12-28 11:38:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 سنة، أعمل في مكتب للمحاسبات، تقدم لخطبتي ابن خالتي ( 30 سنة ).
لم تكن هذه أول مرة يرغب فيها الزواج مني، لقد كان ذلك حين كنت في ال20 من عمري، لكن أهله كانوا غير موافقين لأنه كان بدون عمل مستقر، وبعد أن تمكن أبوه من مساعدته لفتح محل لبيع الخضر والفواكه واشترى له منزلاً، استطاع أن يتقدم لخطبتي، لكن هذه المرة أصبح أبي هو غير الموافق بسبب أن دخله من ذلك المحل غير كافٍ وغير مضمون، وطلب مني الانتظار إلى أن يأتي شخص آخر لديه وضعية مالية أحسن إذا كنت أريد العمل برأيه.
بالنسبة لي فإني وافقت عليه لعدة أسباب هي:
- لأنه لم يتقدم لخطبتي أي شخص آخر وأصبح الزواج في هذا الوقت قليلاً وصعباً، كذلك بسبب تقدمي في السن.
- ثم لأنه مصر علي رغم كل هذه السنين التي مضت، ولأنه يصلي، وأخلاقه على ما يبدو لا بأس بها، ولأنه يحبني، لم يقلها لي مباشرة لكن طريقة معاملته لي تظهر ذلك، وقد اختبرته في عدة أمور لأعرف طريقة تفكيره، كما أني أشعر بالارتياح له والقبول.
صحيح أنني أتفق مع أبي بأن عمله غير كافٍ ليلبي جميع متطلبات الحياة إلا أنني أرجع وأقول: إن الرزق بيد الله وحده يؤتيه من يشاء من عباده ـ والحمد لله ـ بطاعتنا لله والعمل بالأسباب ثم التوكل على الله فإنه لن يخيبنا ولن يتركنا محتاجين، لأنني يمكنني البحث عن عمل في المدينة التي يسكن فيها وبذلك نتعاون معاً لنحسن من وضعنا المالي ونعيش في مستوى لا بأس به.
المهم أن لا نمد يد الحاجة إلى أحد، وهناك أمثلة كثيرة في الواقع ممن تزوجوا أزواجاً سواء كانوا أغنياء أو يعملون بوظيفة جيدة ثم فقدوا عملهم أو ثروتهم، وكذلك هناك من فتح الله عليهم وأصبحوا أغنياء، قال تعالى: ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا))[هود:6].
((وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))[العنكبوت:60]، ((وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[النور:32].
إضافة إلى كثير من الآيات أنتم أعلم بها مني، وكذلك ما جاء في الحديث.
المشكلة الأولى هي: أنه في بعض الأحيان ينتابني الخوف من الفشل في هذا الزواج وعدم الوصول إلى ما فكرت فيه، أو أن أمد يد الحاجة إلى أهلي وحينها سأسمع التعليقات: أنت التي كنت مصرة على هذا الزواج، لقد أنذرناكي فلم تستمعي لنا... إلخ.
والثانية: لا أحب أن أخالف أبي مع أنه إذا رآني مصرة فسوف يوافق.
والثالثة هي: أنني حين علمت بالأمر قمت بصلاة الاستخارة فأحسست حينها بالقبول وفكرت بكل ما ذكرته سابقاً، غير أن عدم موافقة أبي أربكتني. لا أعرف هل هي كذلك من نتائج صلاة الاستخارة أم ماذا؟ ثم أرجع وأقول: إن ما تحدث به أبي ربما كان من وسوسة الشيطان له: ((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[البقرة:268]؛ لأن الشيطان يحب تفريق المرأة عن زوجها، كذلك يمكن أن يتدخل في الخطوات الأولى للزواج سواء بالخلاف أو ما شابهه.
ومع ذلك لا أعرف إذا كنت على صواب أم لا، لذلك أحتاج إلى أن أستشير شخصاً حكيماً يفيدني برأيه لعله يدلني على رأي لم أفكر فيه (ما خاب من استشار).
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجة وغيره.
ولذلك فالعبرة في الموضوع بما انقدح في نفسك ونفسه من القبول والانسجام، وذلك لأن (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).
وقد أفرحتني الطريقة التي فكرت بها والاستدلالات التي جئت بها، وأنت صاحبة المصلحة فاتركي التردد واجتهدي في إرضاء والدك ولا تفعلي إلا ما تطمئن إليه نفسك وتستريح، وهذا الموضوع لا تصلح فيه المجاملات؛ لأن مشوار الحياة الزوجية طويل، ولا شك أن تكرار الطلب من ابن الخالة دليل على تعلقه وإصراره، والخالة أم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وأرجو أن يعلم الجميع أن الإنسان غير مكلف بالتفكير في الأشياء التي قد تحصل بعد سنوات، ولكن العاقل يخطط ويرتب ويفعل الأسباب ثم يتوكل على الوهاب، كما أن العبرة في الأرزاق ببركتها لا بكثرتها، والغنى غنى النفس، والقناعة كنز لا يفنى.
ونحن نتمنى أن تقبلي بابن الخالة، وحبذا لو أسرعتم في إكمال المراسيم فخير البر عاجلة، واطلبي من والدتك وعماتك إقناع الوالد الذي سوف يسعد بسعادتكم ويستجيب لرغبتك.
كما أرجو أن تحملي تصرفه وموقفه على أحسن المحامل، فإنه يريد مصلحتك.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله التي لا يقبل إلا أهلها، قال تعالى: ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ))[المائدة:27]، ويحب أهلها وييسر أمورهم: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4]، وقال سبحانه: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3].
ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
وبالله التوفيق والسداد.