هلع وقلق مفرط يلازمني على مدار الساعة!
2024-12-11 01:11:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
شكرًا لكم على هذا الموقع، جزاكم الله خيرًا.
أنا فتاة عمري 21 عامًا، وقد عانيت من نوبات هلع منذ حوالي أربعة أشهر، لكن الحمد لله، شفيت ولم أتعرض لنوبات هلع منذ فترة، ومع ذلك، أصبحت أعاني من قلق مفرط يلازمني على مدار الساعة، لدرجة أنني أشعر بالملل المستمر ولا أفهم السبب.
لدي أيضًا وساوس قوية جدًا بشأن الموت، لدرجة أنني قررت ارتداء الحجاب رغم أنني لم أكن مقتنعة به طوال سنوات طويلة، السبب في ذلك هو وساوس الموت التي تجعلني أشعر بأن الموت قريب جدًا مني، ويزداد هلعي بشكل كبير عندما أفكر في أنني لا أستطيع تخيل نفسي في المستقبل، مثل أن أكون عروسًا، أو أن أتخرج من الجامعة.
لدي شعور قوي بأنني لن أكون موجودة في المستقبل بسبب عدم قدرتي على تخيل نفسي في تلك اللحظات. ومنذ يومين حلمت بأن أحدًا قال لي في الحلم: أسرعي في قضاء صيامك، وهذا ما زاد من هلعي.
قرأت عن فتاة كانت تشعر بنفس الشيء وتوفيت فعلاً في حادث سيارة، وهي في سن صغيرة، وهذا يزيد من هلعي بشكل كبير.
شكرًا على وقتكم، وأتمنى أن أتلقى ردًا منكم؛ لأن حالتي صعبة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تالا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بكِ في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
حالتك -إن شاء الله- بسيطة، ومن الناحية التشخيصية: بالفعل لديك درجة من القلق المتوسط إلى الشديد، ويظهر أنه ملازم للبناء النفسي لشخصيتك، وبعد ذلك طبعًا أتتك هذه المخاوف الوسواسية، إذًا تشخيصك النهائي هو أن لديك قلق المخاوف الوسواسي، والقلق، والمخاوف، والوساوس، كلها تعالج عن طريق التحقير، لا تحللي الفكرة، لا تندمجي معها أبدًا، ولا تخضعيها للمنطق؛ لأنه لا منطق في الوساوس.
فالتحقير والتجاهل مبدأ علاجي مهم جدًا، أيضًا صرف الانتباه عن الفكرة، الفكرة يجب أن تستبدل بفكرة أخرى، فكرة مخالفة لها تمامًا، فكرة محببة للنفس، ويوجد تمرين ثالث وهو التنفير، بأن تنفري الفكرة من خلال أن تربطيها بفعل أو فكرة تكون غير مفضلة للنفس، فكرة تسبب الإزعاج للنفس، مثلاً استجلبي إحدى هذه الأفكار، وفي نفس اللحظة قومي بالضرب على يديك بقوة وشدة حتى تحسي بالألم؛ الربط ما بين الألم وما بين الفكرة الوسواسية يضعفها إذا طبق هذا التمرين بحصافة وتدبير جيد، الإنسان يحتاج إلى أن يكرر هذا التمرين 20 مرة متتالية، وفي خلال أسبوعين معظم الناس يستفيدون كثيرًا وتضعف الوساوس.
طبعًا العلاج الدوائي مهم جدًا لك، ومن أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم استالبرام، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى سيبرالكس، وأنت تحتاجين إلى أن تبدئي بجرعة 5 مليجرامات يوميًا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعليها 10 مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى 20 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى 10 مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها 5 مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم 5 مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء؛ الدواء رائع لا يسبب الإدمان، ليس له تأثير أبدًا على الهرمونات النسائية، ربما يسبب زيادة في الشهية نحو الطعام قليلًا، بخلاف ذلك فهو من أفضل الأدوية.
ويوجد أيضًا دواء آخر يسمى زوالفت، واسمه العلمي سيرترالين، أيضًا هو دواء رائع، ويوجد عقار يسمى تجاريًا فافرين، واسمه العلمي فلوفكسمين، فإذًا الحمد لله تعالى توجد أدوية ممتازة جدًا، وأنت تحتاجين إلى دواء واحد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت في دولة قطر، وتوجد خدمات ممتازة جدًا للطب النفسي، فلماذا لا تقدمين نفسك مثلًا لمركز الطب النفسي، أو لأحد المراكز الصحية خاصة إذا كنت طالبة في جامعة قطر؟ المركز الصحي بالجامعة به خدمات نفسية متميزة، سوف تجدين هناك عددًا من الأطباء والطبيبات الذين -إن شاء الله تعالى- يقدمون لك كل مساعدة، فلا تتركي نفسك دون علاج.
مخاوف الموت كلها سوف تنتهي، وجميل أنك قد ارتديت الحجاب هذا أمر جيد، لكن لا تنظري لفعلك هذا نظرة سلبية، هو نداء طيب أتى إلى نفسك حتى وإن كان وسواسيًا، وجعلك ترتدين الحجاب، فاحمدي الله تعالى على ذلك.
بالنسبة للخوف من الموت: الموت يخيف جميع الناس، ولذا نحن نقول للناس: يجب أن نخاف من الموت خوفًا شرعيًا وليس مرضيًا، الخوف الشرعي هو الذي يجعلنا نتقي الله، ونتجنب الذنوب والآثام، ونكون يقظين جدًا في ممارسة العبادات، والشعائر الدينية، وأن نعامل الناس بالتي هي أحسن، هذا هو الخوف الشرعي، الخوف الجميل، الخوف الإيجابي، ويا حبذا لو كل الناس تتبع هذا المنهج.
وأنا أقول لك أيضًا: ممارسة الرياضة وممارسة تمارين استرخائية كتمارين التنفس المتدرجة تعتبر قيماً إضافية لعلاج الوساوس، و-إن شاء الله تعالى- ستجدين على اليوتيوب برامج توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، يجب أن تطبقيها، أحسني إدارة وقتك، والذي أؤكده لك أن الوساوس القهرية يمكن أن تقتلع تمامًا، وكذلك الهرع، وكذلك القلق الذي تعانين منه، هي ليست تشخيصات مختلفة، هي بوتقة واحدة لها ثلاث أو أربع جزئيات، الدواء رائع، والدواء سوف يفيدك كثيرًا، ولا شك في ذلك -إن شاء الله-، وكذلك التطبيقات السلوكية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.